والشأن أن ذلك الانمحاق لا يكون شيئا عرض ابتداء فى زمان ؛ بل ما دام القمر فيجب أن يكون من حكمه ما تعلم. (١)
وقد حسب بعض من أدرك زماننا ممن شاخ فى الفلسفة العامية (٢) الموجودة فى نصارى بغداد أن هذا السواد هو تأد (٣) من السواد الذي يكون فى القمر من الجانب الذي لا يلى الشمس ، ولا يستضيء بها ، ولم يشعر هذا القائل (٤) أنه لو كان كذلك (٥) لكان ذلك (٦) الخيال مما لا ينقطع ويتفرق (٧) فى صفحة القمر ، بل يكون لبابه (٨) عند المركز ، ثم لا يزال يتدرج (٩) إلى البياض. ولم يعلم أن ذلك مما يكون فى أوائل الاستهلال ، وحيث ذلك الجانب مضىء كونه (١٠) عند تبدر القمر. ونحن نرى القمر إذا أخذ يزيد ضوؤه ، فإن تلك الثلم (١١) من صورة المحو فيه تكون (١٢) محفوظة ؛ ويكون ظهور شكل المحو وشكل الضوء على نسبة محفوظة إلى التبدر. ولم يعلم (١٣) أن السواد والظلمة لا يشف (١٤) من جانب الجسم الأسود إلى جانب له آخر ؛ (١٥) بل ظن (١٦) أنه خرّج وجها وأبدع قولا. (١٧)
هذا وأقول (١٨) (١٩) ، على سبيل الظن ، أنه يشبه أن يكون لكل كوكب ، مع الضوء المشرق منه ، لون (٢٠) بحسب ذلك اللون ، (٢١) يختلف أيضا الضوء المحسوس لها ، فيوجد إشراق بعضها إلى الحمرة ، وبعضها إلى الرصاصية ، (٢٢) وبعضها إلى الخضرة. وكأن الشعاع والنور لا يكون إلا (٢٣) فى جرم له خاصية لون. (٢٤) فإن النار إنما يشرق دخانه ، وهو فى جوهره ذو لون (٢٥) ما.
ويختلف المرئى من اللهيب باختلاف (٢٦) اللون الذي يخالطه النور النارى. وليس هذا شيئا أجزم به جزما.
فإذ (٢٧) (٢٨) قد تكلمنا فى جواهر الكواكب ومخالفتها للأفلاك فى لونها ، فحرىّ بنا أن نتكلم (٢٩) فى حركاتها التي تخصها.
__________________
(١) سا ، ط ، د : يعلم (٢) م : العامة
(٣) تاد هكذا فى «ب» أما فى م ، سا ، ط فهى «تأدى» وفى د. تادى
(٤) م ، ط : العاقل (٥) م : لو كان ذلك
(٦) م : ـ لكان ذلك. (٧) ط : ولا يتفرق م : صفيحة
(٨) ب : بيانه. (٩) سا : يندرج
(١٠) م : لونه (١١) م ، ط : الظلم
(١٢) م : فيكون (١٣) ب : نعلم. (١٤) سا : يسف (١٥) د : آخر
(١٦) م : يظن (١٧) د : واندفع قولا (١٨) م : هذا فيقول (١٩) سا : بهذا الأقوال
(٢٠) د : لونا (٢١) م ، سا : ـ اللون
(٢٢) م : الرصاصة (٢٣) د : ـ إلا
(٢٤) م : ـ لون (٢٥) سا ، د : ذا لون
(٢٦) م : اختلاف (٢٧) سا : فإذا
(٢٨) ب ، ط : وإذ
(٢٩) د : يتكلم