فمنهم من يرى حركاتها حادثة عن حركات قبلها بلا نهاية ، كل حركة عن صدمة عن حركة عن صدمة ، وأنها ربما ارتبكت (١) واجتمعت (٢) فتحابست (٣) عن الحركة.
ومنهم من يرى لبعض أشكالها خفة ، ولبعضها ثقلا. وكلهم لا يرون لطبائع هذه الأجرام كونا ولا فسادا. (٤) ولكنهم يرون أن للمركبات منها كونا وفسادا ، وأن كونها عنها وفسادها إليها ، (٥) وأن الكون هو باجتماعها ، وأن فسادها بافتراقها ، (٦) وأن استحالتها باختلاف الوضع والترتيب لتلك الأجزاء فى المجتمع منها.
أما الترتيب فمثاله أن هذه الأجزاء لو كانت حروفا مثلا ، فوقع منها ترتيب فى الجهات على مثال (٧) هجاء مليك ، ثم حال التركيب ، فصار على هجاء كليم. (٨) فحينئذ لم يكن عندهم قد فسد ؛ إذ لم (٩) يتفرق. ولكن يكون عندهم قد استحال.
وأما الوضع فأن يكون مثلا كلاهما مليكا ، (١٠) لكن أحدهما قد (١١) كتب فيه الحروف على الترتيب المكتوب وجهات رءوس (١٢) الحروف تلك (١٣) الجهات (١٤) لها ، والآخر إن حرفت أوضاع الحروف عن ذلك ، (١٥) فكتب مثلا هكذا ميك ، (١٦) حتى صارت اللام جهتها إلى (١٧) غير جهة الكاف.
وهؤلاء قد تعدوا هذا إلى أن جعلوا الاستحالة أمرا بالقياس إلى الإدراك والإحساس ، لا على أنها موجودة فى طبائع الأمور. وقالوا ، (١٨) وذلك كاللون المحسوس فى طوق الحمامة. فإنه إذا كان على وضع (١٩) ما من الناظر إليه رؤى أسود ، وإذا صار له منه وضع (٢٠) آخر رؤى أرجوانيا ، وأنه ليس فى نفسه سوادا ولا أرجوانية ؛ بل ذلك له بالقياس إلى الناظر.
__________________
(١) ارتكبت (٢) د : فاضجعت
(٣) م : ـ فتحابست
(٤) م ، سا : طبائع ولا فسادا
(٥) د : إليه (٦) ط : بافتراق
(٧) سا ، د : ـ مثال
(٨) م : كلهم بدلا من كليم
(٩) سا : إن لم. (١٠) م : مليك
(١١) م : ـ قد (١٢) ط : رءوس
(١٣) ط : بتلك (١٤) م : الجهاد م : سا ، ط : ب
(١٥) م : على ذلك
(١٦) د : ـ م : يك : د
(١٧) ط : ـ إلى (١٨) د : قالوا
(١٩) م : موضع وفى ط ، د : الغيرا
(٢٠) م : وقع