صورا فى التخيل بحسب الاستعداد ليست عن تمثل شىء من عالم الغيب والإندار.
وأما الذي يحتاج أن يعبر وأن يتأول (١) فهو ما لم ينسب إلى شىء من هذه الجملة ، (٢) فيعلم أنه قد وقع من سبب خارج وأن له دلالة ما ، فلذلك (٣) لا يصح فى الأكثر رؤيا الشاعر (٤) والكذاب والشرير والسكران والمريض والمغموم ومن غلب عليه سوء مزاج أو فكر. ولذلك أيضا إنما يصح من الرؤيا فى أكثر الأمر ما كان فى وقت السحر ، لأن الخواطر كلها تكون فى هذا الوقت ساكنة ، (٥) وحركات الأشباح تكون قد هدأت. وإذا كانت القوة المتخيلة فى حال (٦) النوم فى مثل هذا الوقت غير مشغولة بالبدن ولا مقطوعة عن الحافظة والمصورة ، (٧) بل متمكنة منهما ، فبالحرى أن تحسن (٨) خدمتها للنفس فى ذلك ، لأنها تحتاج لا محالة فيما يرد عليها. من ذلك أن ترتسم صورته فى هذه القوة (٩) ارتساما صالحا إما هى أنفسها وإما محاكياتها.
ويجب أن يعلم أن أصح الناس أحلاما أعدلهم أمزجة ، فإن اليابس المزاج وإن كان يحفظ جيدا فإنه لا يقبل جيدا ، والرطب المزاج وإن كان يقبل سريعا فإنه يترك سريعا فيكون كأنه لم يقبل ولم يحفظ (١٠) جيدا ، (١١) والحار المزاج متشوش الحركات ، والبارد المزاج بليد ، (١٢) وأصحهم من اعتاد الصدق. فإن عادة الكذب والأفكار الفاسدة تجعل الخيال ردىء الحركات غير مطاوع لتسديد النطق ، بل يكون حاله حال خيال من فسد مزاجه إلى تشويش.
وإذا كان هذا مما يتعلق (١٣) بالنوم واليقظة ، فيجب أن ندل هاهنا باختصار على أمر النوم واليقظة. فنقول : إن اليقظة حالة تكون النفس (١٤) فيها مستعملة للحواس أو للقوى المحركة من ظاهر بالإرادة التي لا ضرورة إليها ، فيكون النوم عدم هذه الحالة ، وتكون (١٥) النفس فيه قد أعرضت عن الجهة الخارجة إلى الجهة الداخلة
__________________
(١) وأن يتأول : ساقطة من د
(٢) الجملة : الجهة ك ، م. (٣) فلذلك : ولذلك د.
(٤) الشاعر : للشاعر م.
(٥) ساكنة : ساكن د.
(٦) حال : ساقطة من ف ، م.
(٧) والمصورة : المصورة م
(٨) تحسن : تحس م.
(٩) القوة : القوى ف.
(١٠) ولم يحفظ : ولا يحفظ د ، ف ، ك
(١١) جيدا : ساقطة من م.
(١٢) بليد : بليدا م.
(١٣) مما يتعلق : ما يتعلق ف.
(١٤) النفس : للنفس م.
(١٥) وتكون : فتكون ف.