عن المادة وعلائقها ، ثم يتفق أن يكون ذلك شكلا ، ويتفق أن يكون عددا. وقد يجوز أن تكون القوة معدة نحو فعل بعينه ، لكنها تحتاج إلى أمر آخر ينضم إليها حينئذ ، حتى يصير لها ما بالقوة حاصلا بالفعل ، فإن لم يكن ذلك الأمر لم تفعل ، فيكون مثل هذه القوة تارة (١) مبدأ للفعل بالفعل وتارة غير مبدأ له بالفعل ، بل بالقوة ، مثل القوة المحركة فإنها إذا صح الإجماع من القوة الشوقية بسبب داع من التخيل أو المعقول إلى التحريك حركت لا محالة ، فإن (٢) لم يصح لم تحرك وليس يصدر عن قوة محركة واحدة بآلة واحدة إلا حركة واحدة ، إذ الحركات الكثيرة لكثرة (٣) آلات الحركة التي هى العضل فينا وفى كل عضلة قوة محركة جزئية لا تحرك إلا حركة بعينها. وقد تكون القوة الواحدة أيضا يختلف تأثيرها بحسب القوابل المختلفة أو الآلات (٤) المختلفة ، وهذا ظاهر.
فنقول الآن : إن أول أقسام أفعال النفس ثلاثة أفعال يشترك فيها الحيوان والنبات كالتغذية والتربية والتوليد ، وأفعال تشترك فيها الحيوانات أكثرها (٥) أو جلها ولا حظّ فيها للنبات مثل الإحساس والتخيل والحركة الإرادية ، وأفعال تختص بالناس مثل تصور (٦) المعقولات واستنباط الصنائع والروية فى الكائنات والتفرقة (٧) بين الجميل والقبيح. فلو كانت القوى النفسانية واحدة وكانت الأفعال النباتية تصدر عن القوة التي تصدر عنها الحيوانية صدورا أوليا لكان عدم الأجسام النباتية وأعضاء الحيوان التي تغتذى ولا تحس مما هو صلب أو ليّن للإحساس إما أن يكون بسبب عدم القوة ، أو بسبب أن المادة ليست تنفعل عنها. ومحال أن (٨) يقال : إن المادة ليست تنفعل عن الحر والبرد ولا تتأثر عنهما وعن الطعوم القوية والروائح القوية ، فإنها تنفعل عنها ، فبقى أن يكون ذلك بسبب عدم القوة الفعالة لذلك ، وقد وجدت القوة الغاذية ، فإذن القوتان مختلفتان. وأيضا فإن تحريك النفس لا يخلو إما أن يكون على سبيل نقل مطلق وكل جسم قابل للنقل مطلقا ، وإما أن يكون لنقل (٩) على سبيل قبض وبسط. وفى أجسامنا أعضاء هى أقبل لذلك من العضل وفيها حياة للتغذى ، (١٠) وليس يمكن تحريكها. فالسبب (١١) فى ذلك
__________________
(١) القوة : ساقطة من د.
(٢) فإن : وإن ف.
(٣) لكثرة : ساقطة من م.
(٤) أو الآلات : والآلات ف.
(٥) أكثرها : ساقطة من ف ، م.
(٦) تصور : تعقل ك ، م.
(٧) والتفرقة ؛ : + التي ك.
(٨) المادة ... أن : ساقطة من م.
(٩) لنقل : النقلى ف.
(١٠) للتغذى : التغذى د ، ف
(١١) فالسبب : ما السبب م.