آلات الكتابة. وهذه الذي ذكر هو أثاث بيوتهم كلهم ، وإن اختلفت أوصافه بالجودة وضدها باعتبار الغنى والفقر.
وفي تلك الدار خدمة كثيرون ، رجالا ونساء وطباخون. وقشينة (١) الطبخ محتوية على آلات الطبخ كلها وسائر ما يطبخ. فإذا دخلها الداخل ، أطلعوه لبيت من بيوتها ، فإن كان غرضه الأكل فقط ، فيأمر الخادم يأتيه بما يريد منه من مطبوخات وفواكه وحلاوات وغير ذالك. فإذا فرغ من الأكل وأراد الخروج ، أتاه الخادم بورقة فيها ما يلزمه في ذالك من الثمن. وإن كان غرضه مع ذالك في البيات والإقامة ، يبقى هنالك ما شاء ويختار من البيوت ما أحب ، كل على قدره. وكل ما يريد ياتيه به الخادم ، ولا يحتاج في دعاء الخادم إلى كلفة ، بل ولا إلى تحرك من موضعه. وذالك لأنهم جعلوا داخل كل بيت خيط ولكل خيوط البيوت أو جملة منها اتصال ببعضها بعضا ، فإذا جبذ ذالك الخيط ، وصلت حركته إلى ناقوس ، فيتكلم الناقوس فيأتي الخادم سريعا ، ويعرف من أي بيت هو بعلامة لهم في ذالك.
وبهذا الذي ذكرنا ، يستغني المسافر في هذه البلاد عن حمل الزاد وما عطف عليه ، ومن قانون السفر في هذه البلاد ، أن المسافرين لا يركبون ظهور الدواب بسرج ولا بردعة ولا غير ذالك ، ولا يسافرون على أرجلهم ، إلا إن كان واحدا من العسكر الرجالة أو من الفقراء ، وإنما السفر هنا في الأكداش والكراريص (٢) والخيل تجرها ، وهي على أشكال وأنواع. فمنها شكل مربع يسع أربعة من الناس ، كل اثنين على منصبة متقابلين جالسين ، ويتمكن كل منهم أن يمد رجليه لكن تحت المنصبة المقابلة
__________________
(١) «قشينة» ، وتنطق بالكاف هكذا «كشينة» ، وإن وردت عند الصفار بالقاف ، وأصلها من الإسبانية (cocina) ، أي المطبخ. انظر : ٤٨١ : ٢Dozy.
(٢) مفردها كروصة ، وأصلها من الإسبانية (carroza). وهي عربة ذات عجلات أربع تجرها الخيول ، انظر : ٤٦٤. : ٢Dozy انتبه الرحالة الأربيون أثناء تنقلاتهم عبر أرجاء البلاد المغربية ، خلال القرن التاسع عشر ، إلى غياب وسائل النقل ذات العجلات. وذكر جون دارموندهاي في الصفحات ١٢١ ـ ١٢٢ من كتابه : Western Barbary : Its Wild Tribes and Savage Animals) London, (١٨٦١ أنه شاهد «على جانب الطريق عربة في حالة يرثى لها» ؛ وأضاف قائلا : «وكان شكلها أسوأ من أقدم العربات المصرية التي كنت قد رأيت نموذجا منها بعيد اكتشافها على ضفاف نهر النيل. وكانت تلك وسيلة النقل الوحيدة ذات العجلات التي صادفتها في المغرب».