بعبارة الفقيه. وفي اعتقاد المحقق أنه نجح في ذلك.
في هذه الرحلة يصف الرحالة مدينة القسطنطينية ، ومراسيم الاستقبال في القصر. وعلى رغم أن قلم التمكروتي يحرن إذ يشيح ببصره عن المكامن التي يمكن أن يقدح زنادها فينبعث منها المدهش والغريب مما شاهده في عاصمة الخلافة ، فإن نص رحلته يعتبر بامتياز وثيقة بالغة الأهمية عن سلطنتين وسلطانين وقصرين والطريق بينهما في القرن السادس عشر. ولعل وصف أهوال البحر من بين أميز ما دونه هذا الرحالة المولع باللغة والشعر والبيان. وكما يلاحظ المحقق فإن في مظنون التمكروتي أنه لا يمكن فهم الآني والآتي إلّا بالاتكاء على الماضي. الماضي هنا هو ذاكرة التمكروتي المحشوّة بالشّعر والحكمة والبلاغة المنمطة المسكوكة التي لا يبذل صاحبها أي جهد في تطويعها. كلّ ديدنه ومبتغاه أن يكشف عن علوّ كعبه في الاستظهار.
* رحلة الأمير فخر الدين المعني الثاني إلى إيطاليا ١٦١٣ ـ ١٦١٨ م
حققها وقدم لها : قاسم وهب
تعد رحلة الأمير فخر الدين المعني الثاني من الوثائق النادرة في بابها ؛ فهي من أقدم المدوّنات العربية التي وصفت جوانب مهمة من مدنيّة أوربا في مطلع القرن السابع عشر ، فبعض المدن التي زارها المعنى أو أقام فيها ضيفا على آل ميديتشي شهدت بدايات النهضة الأوربية الحديثة التي عمّت آثارها فيما بعد أرجاء المعمورة كافة ، وكانت إقامته ضيفا على آباء النهضة الأوروبية آل ميديتشي لخمس سنوات سببا في ما حاول إحداثه من نهضة في بلاد الشام. دفع ثمنها عنقه وعنق ولده. ولعل المثير أن الملاحظات المدونة في هذه الرحلة تجعلنا نكتشف أن التفاوت الحضاري بين العرب والغرب آنذاك لم يكن كبيرا ، بل ربما كان بوسع العرب تجاوزه لو لم يقم العثمانيون بقطع الطريق على بوادر التطورات الرامية إلى تأسيس نهضة عربية تستلهم نهضة الغرب ، أو تستفيد من بعض منجزاتها. ومما يزيد من أهمية هذه الرحلة أن صاحبها رجل دولة محنّك ، ومحارب لا يلين ؛ لم يتوان عن الوقوف في