وأصلها التي هي طرق كتابنا هذا بمنع المد مع الإبدال ، وإنما صرحوا بامتناع الإدغام مع تحقيق الهمز كما تقدم ومع مد المنفصل وما ذكره أعني النويري في باب الهمز بناء على ما ذكره هنا ، فليتفطن له. نبه عليه شيخنا رحمهالله تعالى مثال اجتماع الهمز مع الإدغام ـ يأتهم تأويله ـ كذلك كذب ففيه الثلاثة المتقدم بيانها ، ويمتنع الرابع ومثال اجتماع الإدغام مع المد (قُلْ لا أَقُولُ لَكُمْ) الأنعام [الآية : ٥٠] فيمتنع المد مع الإدغام ويجوز الثلاثة الباقية ومثال اجتماعها أعني الإدغام والهمز والمد (قالَ لا يَأْتِيكُما طَعامٌ تُرْزَقانِهِ إِلَّا نَبَّأْتُكُما بِتَأْوِيلِهِ) يوسف [الآية : ٣٧] ويتحصل فيها ثمانية أوجه يمتنع منها ثلاثة ، وهي الإدغام مع الهمز ، والمد ، والإدغام مع الهمز ، والقصر ، والإدغام مع البدل ، والمد ، وتجوز الخمسة الباقية.
ثم : إن للإدغام شروطا ، وأسبابا ، وموانع فشروطه في المدغم أن يلتقي الحرفان خطا سواء التقيا لفظا ، أم لا ، فدخل نحو : أنه هو فلا تمنع الصلة ، وخرج نحو : أنا نذير ، وفي المدغم فيه كونه أكثر من حرف إن كان من كلمة ليدخل نحو : (خَلَقَكُمْ) ويخرج نحو : (نَرْزُقُكَ ، وخَلَقَكَ) وأسبابه : التماثل ، وهو أن يتحدا مخرجا ، وصفة كالباء في الباء والكاف في الكاف والتجانس وهو : أن يتفقا مخرجا ، ويختلفا صفة كالدال في التاء والتاء في الطاء والثاء في الذال والتقارب هو : أن يتقاربا مخرجا أو صفة ، أو مخرجا وصفة وموانعه قسمان : متفق عليه ، ومختلف فيه ، فالمتفق عليه : ثلاثة. الأول : كونه منونا أو مشددا أو تاء ضمير. فالمنون نحو : (غَفُورٌ رَحِيمٌ ، سَمِيعٌ عَلِيمٌ ، سارِبٌ بِالنَّهارِ ، نِعْمَةٌ تَمُنُّها ، فِي ظُلُماتٍ ثَلاثٍ ، رَجُلٌ رَشِيدٌ)(١). لأن التنوين حاجز قوي جرى مجرى ، الأصول ، فمنع من التقاء الحرفين بخلاف صلة (إِنَّهُ هُوَ) لعدم القوة ولا تمنع زيادة الصفة في المدغم ، ولذا أجمعوا على إدغام (بَسَطْتَ) المائدة [الآية : ٢٨] ونحوها. والمشدد نحو : (رَبِّ بِما ، مَسَّ سَقَرَ ، فَتَمَّ مِيقاتُ ، الْحَقُّ كَمَنْ ، أَشَدَّ ذِكْراً) ووجه ضعف المدغم فيه عن تحمل المشدد لكونه بحرفين ، وتاء الضمير متكلما ، أو مخاطبا نحو : (كُنْتُ تُراباً ، أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ ، كِدْتَ تَرْكَنُ ، خَلَقْتَ طِيناً ، جِئْتَ شَيْئاً إِمْراً) وسيأتي إن شاء الله تعالى (جِئْتَ شَيْئاً) بمريم [الآية : ٢٧] ولا يخفي أن في إطلاقهم تاء الضمير على نحو : (أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ) تجوز إذا التاء فيه ليست ضميرا على الصحيح ، بل حرف خطاب ، والضمير أن والمختلف فيه من الموانع الجزم ، وقد جاء في المثلين في قوله تعالى : و (يَخْلُ لَكُمْ ، وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ ، وَإِنْ يَكُ كاذِباً) وفي المتجانسين (وَلْتَأْتِ طائِفَةٌ) وألحق به (وَآتِ ذَا الْقُرْبى)(٢) وفي المتقاربين في قوله : (وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً) والمشهور الإعتداد بهذا المانع في المتقاربين ، وإجراء الوجهين في غيره ، وموانع الإدغام عند الحسن البصري : التشديد ، والتنوين فقط لإدغام تاء المتكلم ، والمخاطب نحو :
__________________
(١) حيث وقعت. [أ].
(٢) حيث وقعت. [أ].