خامسها : (أَتَعِدانِنِي) بالأحقاف [الآية : ١٧] أدغم هشام النون في النون وافقه الحسن ، وابن محيصن بخلف عنه ، والباقون ، بالإظهار ، وهي كذلك في جميع المصاحف ، ويأتي إن شاء الله تعالى جميع ذلك مبسوطا في محاله من الفرش.
فصل
تجوز الإشارة بالروم والإشمام إلى حركة الحرف المدغم سواء كان مماثلا ، أو مقاربا ، أو مجانسا إذا كان مضموما ، وبالروم فقط إذا كان مكسورا ، وترك الإشارة هو الأصل ، والإدغام الصحيح يمتنع مع الروم دون الإشمام ، والآخذون بالإشارة أجمعوا على استثناء الميم عند مثلها ، وعند الباء ، وعلى استثناء الباء عند مثلها ، وعند الميم ، واستثنى بعضهم الفاء عند الفاء ، وذلك نحو (يَعْلَمُ ما ، وَهُوَ أَعْلَمُ بِما** ، نُصِيبُ بِرَحْمَتِنا يُعَذِّبُ مَنْ ، تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ) تنبيهان الأول : كل من أدغم الراء في مثلها :
أو في اللام أبقى إمالة الألف قبلها نحو : (وَقِنا عَذابَ النَّارِ ، والنَّهارِ لَآياتٍ) لعروض الإدغام ، والأصل عدم الاعتداد به ، وروى ابن حبش عن السوسي فتح ذلك حالة الإدغام اعتدادا بالعارض ، والأول مذهب ابن مجاهد ، وأكثر القراء ، وأئمة التصريف ، وقد ترجح الإمالة عند من يأخذ بالفتح في قوله تعالى : (فِي النَّارِ لِخَزَنَةِ) لوجود الكسر بعد الألف حالة الإدغام قاله في النشر قياسا (١).
الثاني : لا يخلوا ما قبل الحرف المدغم إما أن يكون متحركا ، أو ساكنا فالأول : لا كلام فيه ، والثاني : إما أن يكون معتلا ، أو صحيحا ، فإن كان معتلا أمكن الإدغام معه ، وحسن لامتداد الصوت به ، ويجوز فيه ثلاثة أوجه : المد ، والتوسط ، والقصر كالوقف سواء كان المعتل حرف مد نحو : (الرَّحِيمِ مالِكِ ، فَقالَ لَهُمُ ، يَقُولُ رَبَّنا) أو حرف لين نحو : (قَوْمُ مُوسى ، كَيْفَ فَعَلَ) والمد أرجح وفي النشر لو قيل باختيار المد في حرف المد ، والتوسط في حرف اللين لكان له وجه لما يأتي في باب المد إن شاء الله تعالى (٢) ، وإن كان الساكن صحيحا عسر الإدغام معه لكونه جمعا بين ساكنين ليس أولهما حرف علة ، وذلك نحو : (شَهْرُ رَمَضانَ ، الْعَفْوَ وَأْمُرْ ، زادَتْهُ هذِهِ ، الْمَهْدِ صَبِيًّا) وفيه طريقان ثابتان صحيحان مأخوذ بهما : طريق المتقدمين إدغامه إدغاما صحيحا قال الحافظ البارع المتقن الشمس ابن الجزري : والإدغام الصحيح هو الثابت عند قدماء الأئمة من أهل الأداء ، والنصوص مجتمعة عليه الطريق الثاني : لأكثر المتأخرين أنه مخفي بمعنى مختلس الحركة ، وهو المسمى بالروم المتقدم آنفا ، وهو في الحقيقة مرتبة ثالثة لا إدغام ، ولا إظهار ، وليس المراد الإخفاء المذكور في باب النون الساكنة ، والتنوين ، وفرارهم من
__________________
(١) انظر الصفحة : (١ / ٢٧٥). [أ].
(٢) انظر الصفحة : (٣٧) من هذا الكتاب. [أ].