ولو أراد ذلك لقال قيلا ، وأخملا وحكى أبو حيان أن الأخفش النحوي أبدل المكسورة بعد الضم واوا ، والمضمومة بعد الكسر ياء خالصتين فيقول في نحو : (سُئِلَ) ، سول* وفي نحو : (مُسْتَهْزِؤُنَ) ، مستهزيون فدبروها بحركة ما قبلها ، ونسبوه على إطلاقه للأخفش ، وذكره في الطيبة بقوله : ونقل : ياء كيطفئوا واوا وكسئل.
وهو ظاهر كلام الشاطبي ، والجمهور على إلغاء هذا المذهب ، والأخذ بالتسهيل بين الهمزة ، وحركتها ، وذهب آخرون إلى التفصيل ، فعملوا بمذهب الأخفش فيما وافق الرسم نحو : (سَنُقْرِئُكَ) وبمذهب سيبويه في نحو : (سُئِلَ ، ومُسْتَهْزِؤُنَ) وهو اختيار الداني ، وغيره لموافقة الرسم كما يأتي إن شاء الله تعالى.
والمتوسط بغيره : من المتحرك يكون أيضا متصلا رسما ومنفصلا ، فالمتصل يكون بدخول حرف من حروف المعاني عليه كحروف العطف وحروف الجر ولام الابتداء وهمزة الاستفهام وغير ذلك وهو المسمى بالمتوسط بزائد ، وتأتي الهمزة فيه بالحركات الثلاث ، وقلب كل منها كسر ، أو فتح فتصير ست صور مفتوحة بعد كسر نحو : (بِآيَةٍ ، ولِأَبَوَيْهِ) فتبدل في هذه ياء ومفتوحة بعد فتح نحو : (فَأَذَّنَ ، كَأَنَّهُ) ومكسورة بعد كسر نحو : (لَبِإِمامٍ) ، لئلاف ومكسورة بعد فتح نحو : (فَإِنَّهُ ، فَإِنَّهُمْ) ومضمومة بعد كسر نحو : (لِأُولاهُمْ ، لِأُخْراهُمْ) ومضمومة بعد فتح نحو : (فَإِنَّهُ ، فَإِنَّهُمْ) ومضمومة بعد كسر نحو : (لِأُولاهُمْ ، لِأُخْراهُمْ) ومضمومة بعد فتح نحو : (وَأُوحِيَ ، فَأُوارِيَ) فتسهل في هذه الخمسة بين بين ، وهذا مذهب الجمهور ، وذهب الآخرون إلى التحقيق في الستة ، والوجهان في الشاطبية ، وغيرها ، والمنفصل من المتوسط بغيره يكون أيضا متحركا بالحركات الثلاث ، ويأتي قبله الحركات الثلاث أيضا ، فتبلغ تسع صور مفتوحة بعد ضم نحو : (يُوسُفُ أَيُّهَا) ومفتوحة بعد كسر نحو : (فِيهِ آياتٌ) ومفتوحة بعد فتح نحو : (أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ) ومكسورة بعد ضم نحو : (يَرْفَعُ إِبْراهِيمُ) ومكسورة بعد كسر نحو : (مِنْ بَعْدِ إِكْراهِهِنَ) ومكسورة بعد فتح نحو : (غَيْرَ إِخْراجٍ) ومضمومة بعد ضم نحو : (الْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ) ومضمومة بعد كسر نحو : (عَلَيْهِ أُمَّةً) ومضمومة بعد فتح نحو (كانَ أُمَّةً) فتبدل المفتوحة بعد الضم واوا وبعد الكسر ياء وتسهل بين بين في الصور السبع الباقية وهذا مذهب من خفف المتوسط المنفصل الواقع بعد حرف المد من العراقيين ، والجمهور على التحقيق في التسع ، والله أعلم (١).
المذهب الثاني : التخفيف الرسمي ، اعلم أنه جاء عن سليم عن حمزة أنه كان يتبع في الوقف على الهمز خط المصحف العثماني ، وهو خاص بالهمز دون غيره فلا تحذف الألف التي بعد شين (ما نَشاءُ) بهود [الآية : ٨٧] ولا يلفظ بالألف التي بعد الواو ، وقد اختلف في الأخذ بتسهيل الهمز على الوجه الرسمي ، فذهب جماعة إلى الأخذ به مطلقا ، فأبدلوا الهمزة بما صورت به ، وحذفوها فيما حذفت فيه ، وهذا القول بعمومه لا
__________________
(١) سيأتي بيان كل موضع من بعد الصفحة : (١٣٤). [أ].