وفي أخبارهم : الريّ ملعونة وتربتها تربة ملعونة ديلمية وهي على بحر عجاج تأبى أن تقبل الحق ، والرّيّ سبعة عشر رستاقا منها دنباوند وويمة وشلمبة ، حدث أبو عبد الله بن خالويه عن نفطويه قال : قال رجل من بني ضبّة وقال المدائني : فرض لأعرابي من جديلة فضرب عليه البعث إلى الري وكانوا في حرب وحصار ، فلمّا طال المقام واشتدّ الحصار قال الأعرابي : ما كان أغناني عن هذا! وأنشأ يقول :
لعمري لجوّ من جواء سويقة |
|
أسافله ميث وأعلاه أجرع |
به العفر والظّلمان والعين ترتعي |
|
وأمّ رئال والظّليم الهجنّع |
وأسفع ذو رمحين يضحي كأنّه |
|
إذا ما علا نشزا ، حصان مبرقع |
أحبّ إلينا أن نجاور أهلنا |
|
ويصبح منّا وهو مرأى ومسمع |
من الجوسق الملعون بالرّيّ كلّما |
|
رأيت به داعي المنيّة يلمع |
يقولون : صبرا واحتسب! قلت : طالما |
|
صبرت ولكن لا أرى الصبر ينفع |
فليت عطائي كان قسّم بينهم |
|
وظلّت بي الوجناء بالدّوّ تضبع |
كأنّ يديها حين جدّ نجاؤها |
|
يدا سابح في غمرة يتبوّع |
أأجعل نفسي وزن علج كأنّما |
|
يموت به كلب إذا مات أجمع؟ |
والجوسق الملعون الذي ذكره ههنا هو قلعة الفرّخان ، وحدث أبو المحلّم عوف بن المحلم الشيباني قال : كانت لي وفادة على عبد الله بن طاهر إلى خراسان فصادفته يريد المسير إلى الحجّ فعادلته في العماريّة من مرو إلى الريّ ، فلمّا قاربنا الرّيّ سمع عبد الله بن طاهر ورشانا في بعض الأغصان يصيح ، فأنشد عبد الله بن طاهر متمثلا بقول أبي كبير الهذلي :
ألا يا حمام الأيك إلفك حاضر ، |
|
وغصنك ميّاد ، ففيم تنوح؟ |
أفق لا تنح من غير شيء ، فإنّني |
|
بكيت زمانا والفؤاد صحيح |
ولوعا فشطّت غربة دار زينب ، |
|
فها أنا أبكي والفؤاد جريح |
ثمّ قال : يا عوف أجز هذا ، فقلت في الحال :
أفي كلّ عام غربة ونزوح؟ |
|
أما للنّوى من ونية فنريح؟ |
لقد طلّح البين المشتّ ركائبي ، |
|
فهل أرينّ البين وهو طليح؟ |
وأرّقني بالرّيّ نوح حمامة ، |
|
فنحت وذو الشجو القديم ينوح |
على أنّها ناحت ولم تذر دمعة ، |
|
ونحت وأسراب الدّموع سفوح |
وناحت وفرخاها بحيث تراهما ، |
|
ومن دون أفراخي مهامه فيح |
عسى جود عبد الله أن يعكس النوى |
|
فتضحي عصا الأسفار وهي طريح |
فإنّ الغنى يدني الفتى من صديقه ، |
|
وعدم الغنى بالمقترين نزوح |
فأخرج رأسه من العمارية وقال : يا سائق ألق زمام البعير ، فألقاه فوقف ووقف الخارج ثمّ دعا بصاحب