ينسبون هكذا ، منهم : الخليل بن أحمد بن محمد بن الخليل بن موسى بن عبد الله بن عاصم بن جنك أبو سعيد السجزي القاضي الحنفي ، رحل إلى الشام والعراق وخراسان وأدرك الأئمة أبا بكر بن خزيمة وتلك الطبقة ، ومات بفرغانة سنة ٣٧٣ وهو على مظالمها ، وقد ولي القضاء بعدّة نواح ، وكان أديبا نحويّا.
سِجِسْتَانُ : بكسر أوّله وثانيه ، وسين أخرى مهملة ، وتاء مثناة من فوق ، وآخره نون : وهي ناحية كبيرة وولاية واسعة ، ذهب بعضهم إلى أن سجستان اسم للناحية وأن اسم مدينتها زرنج ، وبينها وبين هراة عشرة أيّام ثمانون فرسخا ، وهي جنوبي هراة ، وأرضها كلّها رملة سبخة ، والرياح فيها لا تسكن أبدا ولا تزال شديدة تدير رحيّهم ، وطحنهم كلّه على تلك الرحى. وطول سجستان أربع وستون درجة وربع ، وعرضها اثنتان وثلاثون درجة وسدس ، وهي من الإقليم الثالث. وقال حمزة في اشتقاقها واشتقاق أصبهان : إن أسباه وسك اسم للجند وللكلب مشترك وكل واحد منهما اسم للشيئين فسميت أصبهان والأصل أسباهان وسجستان والأصل سكان وسكستان لأنّهما كانتا بلدتي الجند ، وقد ذكرت في أصبهان بأبسط من هذا ، قال الإصطخري : أرض سجستان سبخة ورمال حارة ، بها نخيل ، ولا يقع بها الثلج ، وهي أرض سهلة لا يرى فيها جبل ، وأقرب جبال منها من ناحية فره ، وتشتد رياحهم وتدوم على أنّهم قد نصبوا عليها أرحية تدور بها وتنقل رمالهم من مكان إلى مكان ولو لا أنّهم يحتالون فيها لطمست على المدن والقرى ، وبلغني أنّهم إذا أحبوا نقل الرمل من مكان إلى مكان من غير أن يقع على الأرض التي إلى جانب الرمل جمعوا حول الرمل مثل الحائط من حطب وشوك وغيرهما بقدر ما يعلو على ذلك الرمل وفتحوا إلى أسفله بابا فتدخله الريح فتطير الرمال إلى أعلاه مثل الزّوبعة فيقع على مدّ البصر حيث لا يضرّهم ، وكانت مدينة سجستان قبل زرنج يقال لها رام شهرستان ، وقد ذكرت في موضعها ، وبسجستان نخل كثير وتمر ، وفي رجالهم عظم خلق وجلادة ويمشون في أسواقهم وبأيديهم سيوف مشهورة ، ويعتمّون بثلاث عمائم وأربع كلّ واحدة لون ما بين أحمر وأصفر وأخضر وأبيض وغير ذلك من الألوان على قلانس لهم شبيهة بالمكّوك ويلفونها لفّا يظهر ألوان على قلانس لهم شبيهة بالمكّوك ويلفونها لفّا يظهر ألوان كل واحدة منها ، وأكثر ما تكون هذه العمائم إبريسم طولها ثلاثة أذرع أو أربعة وتشبه الميانبندات ، وهم فرس وليس بينهم من المذاهب غير الحنفية من الفقهاء إلّا قليل نادر ، ولا تخرج لهم امرأة من منزل أبدا وإن أرادت زيارة أهلها فبالليل ، وبسجستان كثير من الخوارج يظهرون مذهبهم ولا يتحاشون منه ويفتخرون به عند المعاملة ، حدثني رجل من التجار قال : تقدمت إلى رجل من سجستان لأشتري منه حاجة فماكسته فقال : يا أخي أنا من الخوارج لا تجد عندي إلّا الحق ولست ممن يبخسك حقك ، وإن كنت لا تفهم حقيقة ما أقول فسل عنه ، فمضيت وسألت عنه متعجبا ، وهم يتزيون بغير زيّ الجمهور فهم معروفون مشهورون ، وبها بليدة يقال لها كركويه كلّهم خوارج ، وفيهم الصوم والصلاة والعبادة الزائدة ، ولهم فقهاء وعلماء على حدة ، قال محمد بن بحر الرّهني : سجستان إحدى بلدان المشرق ولم تزل لقاحا على الضيم ممتنعة من الهضم منفردة بمحاسن متوحدة بمآثر لم تعرف لغيرها من البلدان ، ما في الدنيا سوقة أصح منهم معاملة ولا أقل منهم مخاتلة ، ومن شأن سوقة البلدان أنّهم إذا باعهم أو اشترى منهم العبد أو الأجير أو الصبي كان أحبّ إليهم من