فاشرب هنيئا عليك التاج مرتفقا |
|
بالشاذياخ ودع غمدان لليمن |
فأنت أولى بتاج الملك تلبسه |
|
من ابن هوذة يوما وابن ذي يزن |
ثمّ انقضت دولة آل طاهر وخربت تلك القصور فمرّ بها بعض الشعراء فقال :
وكان الشاذياخ مناخ ملك ، |
|
فزال الملك عن ذاك المناخ |
وكانت دورهم للهو وقفا ، |
|
فصارت للنّوائح والصّراخ |
فعين الشّرق باكية عليهم ، |
|
وعين الغرب تسعد بانتضاخ |
وقال آخر :
فتلك قصور الشاذياخ بلاقع ، |
|
خراب يباب والميان مزارع |
وأضحت خلاء شاذمهر وأصبحت |
|
معطّلة في الأرض تلك المصانع |
وغنّى مغنّي الدّهر في آل طاهر |
|
بما هو رأي العين في الناس شائع |
عفا الملك من أولاد طاهر بعد ما |
|
عفا جشم من أهله والفوارع |
وقال عوف بن محلّم في قطعة طويلة أذكرها بتمامها في الميان ، إن شاء الله :
سقى قصور الشّاذياخ الحيا |
|
من بعد عهدي وقصور الميان |
فكم وكم من دعوة لي بها |
|
ما إن تخطّاها صروف الزّمان |
وكنت قدمت نيسابور في سنة ٦١٣ ، وهي الشاذياخ ، فاستطبتها وصادفت بها من الدّهر غفلة خرج بها عن عادته واشتريت بها جارية تركية لا أرى أن الله تعالى خلق أحسن منها خلقا وخلقا وصادفت من نفسي محلّا كريما ، ثمّ أبطرتني النعمة فاحتججت بضيق اليد فبعتها فامتنع عليّ القرار وجانبت المأكول والمشروب حتى أشرفت على البوار ، فأشار عليّ بعض النصحاء باسترجاعها ، فعمدت لذلك واجتهدت بكلّ ما أمكن فلم يكن إلى ذلك سبيل لأن الذي اشتراها كان متموّلا وصادفت من قلبه أضعاف ما صادفت مني ، وكان لها إليّ ميل يضاعف ميلي إليها ، فخاطبت مولاها في ردّها عليّ بما أوجبت به على نفسها عقوبة ، فقلت في ذلك :
ألا هل ليالي الشاذياخ تؤوب؟ |
|
فإنّي إليها ، ما حييت ، طروب |
بلاد بها تصبي الصّبا ويشوقنا ال |
|
شمال ويقتاد القلوب جنوب |
لذاك فؤادي لا يزال مروّعا ، |
|
ودمعي لفقدان الحبيب سكوب |
ويوم فراق لم يرده ملالة |
|
محبّ ولم يجمع عليه حبيب |
ولم يحد حاد بالرّحيل ، ولم يزع |
|
عن الإلف حزن أو يحول كثيب |
أإنّ ومن أهواه يسمع أنّتي ، |
|
ويدعو غرامي وجده فيجيب |
وأبكي فيبكي مسعدا لي فيلتقي |
|
شهيق وأنفاس له ونحيب |
على أن دهري لم يزل مذ عرفته |
|
يشتّت خلّان الصّفا ويريب |
ألا يا حبيبا حال دون بهائه |
|
على القرب باب محكم ورقيب |