شِبْدَازُ : بكسر أوّله ، وسكون ثانيه ثمّ دال مهملة ، وآخره زاي ، ويقال شبديز ، بالياء المثناة من تحت : موضعان أحدهما قصر عظيم من أبنية المتوكّل بسرّمن رأى ، والآخر منزل بين حلوان وقرميسين في لحف جبل بيستون سمي باسم فرس كان لكسرى ، عن نصر ، وقال مسعر بن المهلهل : وصورة شبديز على فرسخ من مدينة قرميسين ، وهو رجل على فرس من حجر عليه درع لا يخرم كأنّه من الحديد يبين زرده والمسامير المسمرة في الزرد لا شك من نظر إليه يظن أنّه متحرّك ، وهذه الصورة صورة أبرويز على فرسه شبديز وليس في الأرض صورة تشبهها ، وفي الطاق الذي فيه هذه الصورة عدة صور من رجال ونساء ورجّالة وفرسان وبين يديه رجل في زيّ فاعل على رأسه قلنسوة وهو مشدود الوسط بيده بيل كأنّه يحفر به الأرض والماء يخرج من تحت رجليه ، وقال أحمد بن محمد الهمذاني : ومن عجائب قرميسين وهي إحدى عجائب الدنيا صورة شبديز وهي في قرية يقال لها خاتان ومصوره قنطوس بن سنمّار ، وسنمار هو الذي بنى الخورنق بالكوفة ، وكان سبب صورته في هذه القرية أنّه كان أزكى الدواب وأعظمها خلقة وأظهرها خلقا وأصبرها على طول الركض ، وكان ملك الهند أهداه إلى الملك أبرويز فكان لا يبول ولا يروث ما دام عليه سرجه ولجامه ولا ينخر ولا يزبد ، وكانت استدارة حافره ستة أشبار ، فاتفق أن شبديز اشتكى وزادت شكواه وعرف أبرويز ذلك وقال : لئن أخبرني أحد بموته لأقتلنه ، فلمّا مات شبديز خاف صاحب خيله أن يسأله عنه فلا يجد بدّا من إخباره بموته فيقتله ، فجاء إلى البهلبند مغنيه ، ولم يكن فيما تقدّم من الأزمان ولا ما تأخر أحذق منه بالضرب بالعود والغناء ، قالوا : كان لأبرويز ثلاث خصائص لم تكن لأحد من قبله : فرسه شبديز وسريته شيرين ومغنيه بهلبند ، وقال : اعلم أن شبديز قد نفق ومات وقد عرفت ما أوعد به الملك من أخبره بموته فاحتل لي حيلة ولك كذا وكذا ، فوعده الحيلة ، فلمّا حضر بين يدي الملك غناه غناء ورّى فيه عن القصة إلى أن فطن الملك وقال له : ويحك مات شبديز! فقال : الملك يقوله ، فقال له : زه ما أحسن ما تخلصت وخلّصت غيرك! وجزع عليه جزعا عظيما فأمر قنطوس بن سنمّار بتصويره فصوّره على أحسن وأتمّ تمثال حتى لا يكاد يفرق بينهما إلّا بإدارة الروح في جسدهما ، وجاء الملك ورآه فاستعبر باكيا عند تأمّله إيّاه وقال : لشدّ ما نعى إلينا أنفسنا هذا التمثال وذكّرنا ما نصير إليه من فساد حالنا ، ولئن كان في الظاهر أمر من أمور الدنيا يدلّ على أمور الآخرة إن فيه لدليلا على الإقرار بموت جسدنا وانهدام بدننا وطموس صورتنا ودروس أثرنا للبلى الذي لا بدّ منه مع الإقرار بالتأثير الذي لا سبيل إليه أن يبقى من جمال صورتنا ، وقد أحدث لنا وقوفنا على هذا التمثال ذكرا لما تصير إليه حالنا وتوهمنا وقوف الواقفين عليه بعدنا حتى كأننا بعضهم ومشاهدون لهم ، قال : ومن عجائب هذا التمثال أنّه لم ير مثل صورته صورة ولم يقف عليه أحد منذ صوّر من أهل الفكر اللطيف والنظر الدقيق إلّا استراب بصورته وعجب منها ، حتى لقد سمعت كثيرا من هذا الصنف يحلفون أو يقاربون اليمين أنّها ليست من صنعة العباد وأن لله تعالى خبيئة سوف يظهرها يوما ، قال : وسمعت بعض فقهاء المعتزلة يقول لو أن رجلا خرج من فرغانة القصوى وآخر من سوس الأبعد قاصدين النظر إلى صورة شبديز ما عنفا على ذلك ، قال : وأنت إذا فكّرت في أمر صورة