محفوظة ، ولها أربعة أبواب : باب هرمز وباب مهر وباب بهرام وباب شهر ، وعليها خندق ، والنهر دائر على القصبة كلها ، وعلى طرف البلد قلعة تسمى دنبلا ، وهناك مسجد يزعمون أن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، صلى فيه ، ومسجد الخضر بقرب القلعة ، وهي في لحف جبل ، والبساتين محيطة بها ، وبها أثر قنطرة وقد اختلّت بعمارة كازرون ، ومع ذلك فهي وبيئة ، وجملة أهلها مصفرو الوجوه. وشهرستان أيضا : مدينة جيّ بأصبهان ، وهي بمعزل عن المدينة اليهودية العظمى بينهما نحو ميل ، ولها ثلاثة أسماء : يقال لها المدينة وجيّ وشهرستان. وشهرستان أيضا : بليدة بخراسان قرب نسا بينهما ثلاثة أميال ، وهي بين نيسابور وخوارزم ، وإليها تنتهي بادية الرمل التي بين خوارزم ونيسابور فإنها على طرفه ، رأيتها في سنة ٦١٧ وقت هربي من خوارزم من التتر الذين وردوا وخرّبوا البلاد فوجدتها مدينة ليس بقربها بستان ، ومزارعها بعيدة منها ، والرمال متصلة بها ، وقد شرع الخراب فيها ، وقد جلا أكثر أهلها من خوف التتر ، يعمل بها العمائم الطوال الرفاع ، لم أر فيها شيئا من الخصائص المستحسنة ، وقد نسب إليها قوم من أهل العلم ، منهم : محمد بن عبد الكريم بن أحمد أبو الفتح بن أبي القاسم بن أبي بكر الشهرستاني المتكلم الفيلسوف صاحب التصانيف ، قال أبو محمد محمود بن محمد بن عباس بن أرسلان الخوارزمي في تاريخ خوارزم : دخل خوارزم واتخذ بها دارا وسكنها مدة ثم تحول إلى خراسان ، وكان عالما حسنا حسن الخط واللفظ لطيف المحاورة خفيف المحاضرة طيّب المعاشرة ، تفقه بنيسابور على أحمد الخوافي وأبي نصر القشيري وقرأ الأصول على أبي القاسم الأنصاري وسمع الحديث على أبي الحسن علي ابن أحمد بن محمد المدائني وغيره ، ولو لا تخبّطه في الاعتقاد وميله إلى هذا الإلحاد لكان هو الإمام ، وكثيرا ما كنّا نتعجب من وفور فضله وكمال عقله كيف مال إلى شيء لا أصل له واختار أمرا لا دليل عليه لا معقولا ولا منقولا ، ونعوذ بالله من الخذلان والحرمان من نور الإيمان ، وليس ذلك إلا لإعراضه عن نور الشريعة واشتغاله بظلمات الفلسفة ، وقد كان بيننا محاورات ومفاوضات فكان يبالغ في نصرة مذاهب الفلاسفة والذبّ عنهم ، وقد حضرت عدة مجالس من وعظه فلم يكن فيها لفظ قال الله ولا قال رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، ولا جواب عن المسائل الشرعية ، والله أعلم بحاله ، وخرج من خوارزم سنة ٥١٠ ، وحجّ في هذه السنة ثم أقام ببغداد ثلاث سنين ، وكان له مجلس وعظ في النظامية وظهر له قبول عند العوام ، وكان المدرس بها يومئذ أسعد الميهني وكان بينهما صحبة سالفة بخوارزم قرّبه أسعد لذلك ، سمعت محمد بن عبد الكريم يقول : سئل يوما في محلة ببغداد عن سيدنا موسى ، عليه السلام ، فقال : التفت موسى يمينا ويسارا ، فما رأى من يستأنس به صاحبا ولا جارا ، فآنس من جانب الطور نارا ، خرجنا نبتغي مكة حجّاجا وعمّارا ، فلما بلغ الحيوة حاذى جملي جارا ، فصادفنا بها ديرا ورهبانا وخمّارا. وكان قد صنّف كتبا كثيرة في علم الكلام ، منها : كتاب نهاية الاقدام ، وكتاب الملل والنحل ، وكتاب غاية المرام في علم الكلام ، وكتاب دقائق الأوهام ، وكتاب الإرشاد إلى عقائد العباد ، وكتاب المبدإ والمعاد ، وكتاب شرح سورة يوسف بعبارة لطيفة فلسفية ، وكتاب الأقطار في الأصول ، ثم عاد إلى بلده شهرستان فمات بها في سنة ٥٤٩ أو قريبا منها ، ومولده سنة ٤٦٩.