وأما نحو : (إنَّ ما تَوعَدُونَ لآت) (الأنعام/١٣٤) (وأنَّ ما يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الباطِلُ) (الحج /٦٢) فـ «ما» فيه اسم باتفاق ، والحرف عامل ، وأما (إنّما حَرَّمَ عَلَيْكُمُ المَيْتَة) (البقرة /١٧٣) فيمن نصب «الميتة» فـ «ما» كافة ، ومن رفعها ـ وهو أبو رجاء العطاردي ـ فـ «ما» اسم موصول ، والعائد محذوف ، وجزم النحويون بأن «ما» كافة في (إنّما يَخْشَى الله مِنْ عِبادِهِ العُلَماء) (فاطر/٢٨) ولايمتنع أن تكون بمعنى «الذي» و «العلماء» خبر ، والعائد مستترفي «يخشى».
واُطلقت «ما» على جماعة العقلاء ، كما في قوله تعالى : (أوْ ما مَلَكَتْ أيمانُكُمْ) (النساء /٣) (فَانكِحُوا ما طاب لَكُمْ مِنَ النّساء) (النساء/٣).
الثالث : الكافة عن عمل الجر ، وتتصل بأحرف وظروف.
فالأحرف أحدها : «ربّ» وأكثر ما تدخل حينئذ على الماضي كقول أميرالمؤمنين (عليه السلام) : «ربّما عَزّ المطلبُ والاكتسابُ» (١) وقول الأبرش :
٢٦٥ ـ رُبّما أوفَيْتُ في عَلَم |
|
تَرفَعَنْ ثوبي شمالاتُ (٢) |
لأن التكثير والتقليل إنما يكونان فيما عرف حدّه ، والمستقبل مجهول ، ومن ثَمَّ قال الرّماني في (رُبَما يَوَدُّ الّذينَ كَفَرُوا) (الحجر/٢) : إنما جاز ؛ لأن المستقبل معلوم عند الله تعالى كالماضي ، وقيل : هو على حكاية حال ماضية مجازاً مثل (وَنُفِخَ في الصّورِ) (الكهف /٩٩).
ولايمتنع دخولها على الجملة الاسمية خلافاً للفارسي ، ولهذا قال في قول
__________________
١ ـ غرر الحكم : ١/ ٤١٩.
٢ ـ شرح شواهد المغني : ١/٣٩٣.