وهي حرف تصديق ووعد وإعلام ، فالاوّل بعد الخبر كـ «قام زيدٌ» و «ما قام زيدٌ» والثاني بعد «إفعل ولا تفعل» وما في معناهما ، نحو «هلا تفعل وهلا لم تفعل» وبعد الاستفهام في نحو «هل تعطيني» ويحتمل أن تفسر في هذا بالمعنى الثالث. والثالث بعد الاستفهام في نحو : (فهل وجدتم ما وعد ربكم حقّاً) (الاعراف / ٤٤) (أإنَّ لنا لأجراً) (الشعراء/٤١) قال النبيّ صلّى الله عليه وآله : «نعم إنّ التوبة تغسل الحوبة» (١) بعد قول رجل من بني عامر : «فهل ينفع البرّ بعد الفجور؟».
قيل : وتأتي للتوكيد إذا وقعت صدراً ، نحو : «نعمْ هذهِ أطلالُهمْ». والحق أنها في ذلك حرف إعلام ، وأنها جواب لسؤال مُقدّر.
واعلم أنه إذا قيل : «قام زيد» فتصديقُه «نَعَمْ» وتكذيبه «لا» ويمتنع دخول «بلى» ؛ لعدم النفي. وإذا قيل : «ما قام زيد» فتصديقه «نعم» ، وتكذيبه «بلى» ، ومنه : (زَعَمَ الّذينَ كَفَرُوا أنْ لَنْ يُبْعَثُوا قُلْ بَلى وَرَبّي) (التغابن /٧) ويمتنع دخول «لا» ؛ لأنها لنفي الإثبات لا لنفي النفي. وإذا قيل : «أقامَ زيد؟» فهو مثل : «قام زيد» فتقول إن أثبت القيام : «نعم» وإن نفيته : «لا» ويمتنع دخول «بلى». وإذا قيل : «ألمْ يقمْ زيْد» فهو مثل : «لم يقم زيد» فتقول إذا أثبت القيام : «بلى» ، ويمتنع دخول «لا» ، وإن نفيته قلت : «نعم».
وقال سيبويه في باب النعت ، في مناظرة جرت بينه وبين بعض النحويين : فيقال له : ألست تقول كذا وكذا؟ فإنه لا يجد بداً من أن يقول : «نعم» فيقال له : أفلست تفعل كذا؟ فإنه قائل : «نعم» فزعم ابن الطراوة أن ذلك لحن.
وقال جماعة من المتقدمين والمتأخرين منهم الشلوبين : إذا كان قبل النفي استفهام فإن كان على حقيقته فجوابه كجواب النفي المجرد ، وإن كان مُراداً
__________________
١ ـ كنز العمال : ١٢/٣٥٥٥٩.