شمر بن ذي الجوشن : «قد صدر أمر الأمير عبيد الله أن أقتل جميع أولاد الحسين». قال هذا حين شهر سيفه ليقتل الإمام زين العابدين ، وقد دفعه عنه حميد بن مسلم وعمر بن سعد ، وقالت عمّته الحوراء لمّا همّ بقتله : والله لا يقتل حتّى أقتل» (١). وفي هذا نجد التّفسير الصّحيح لقتل الطّفل الرّضيع وغيره من أولاد أهل البيت عليهمالسلام.
قتل الأمويون سيّدي شباب أهل الجنّة الحسن ، والحسين ، وقتلوا أبناء الحسين ، ولم ينج منهم إلّا الإمام زين العابدين ، والفضل الأوّل في نجاته من القتل للسّيّدة زينب ، دفعت عنه شمرا في كربلاء ، وابن زياد في الكوفة ، حيث أمر بقتله ، فتعلقت به السّيّدة ، واعتنقته قائلة : والله لا أفارقه ، فإن قتلته فاقتلني معه ، فنظر ابن مرجانه إليهما ساعة ، ثمّ قال : «عجبا للرّحم! ... والله إنّي لأظنّها ودّت أنّي قتلتها معه ، دعوه ، فأنّي أراه لما به» (٢). أي يراه مريضا.
كلّا ، ليست المسألة مسألة رحم ، وكفى ، ولا مسألة حبّ وعطف فقط ، أنّها أعمق وأبعد من ذلك التّفكير ، أنّها الخوف على دين الله وعلوم رسول الله من الضّياع ، لقد استماتت السّيّدة دون الإمام زين العابدين ، لأنّه حلقة الإتّصال بين الحسين وبين الإمامين الباقر والصّادق اللّذين أشاعا وأذاعا علوم محمّد وعليّ.
كان علم الرّسول عند عليّ ، وعلم عليّ عند ولديه الحسن والحسين ، وعلم الحسين عند زين العابدين ، ومنه إلى ولده الباقر وحفيده الصّادق ظ ، وهكذا انتقلت علوم الرّسول من إمام إلى إمام حتّى ذهب الأمويون ، وزال حكمهم ، ولم
__________________
(١) انظر ، تأريخ الطّبري : ٤ / ٣٥٠ ، البداية والنّهاية : ٨ / ٢١١ ، مقتل الحسين لأبي مخنف : ٢٠٦.
(٢) انظر ، تأريخ الطّبري : ٣ / ٣٣٧ ، الإرشاد : ٢ / ١١٧ ، مثير الأحزان : ٧٢ ، البداية والنّهاية : ٨ / ٢١١.