ولقد علمت بأنّ دين محمّد |
|
من خير أديان البرية دينا (١) |
لو لا الملامة أو حذار مسبّة |
|
لوجدتني سمحا بذاك مبينا |
ودعوتني وعرفت أنّك ناصحي |
|
ولقد صدقت وكنت فيه أمينا (٢) |
ثانيا : أنّ الإسلام كان ضعيفا في بدء الأمر ، وقد تألّبت عليه قوى الشّرك من كلّ جانب ، فكان من صواب الرّأي ، والخير للإسلام ونبيّه أن يكتم أبو طالب إيمانه إحكاما لخطة الدّفاع ، وهذا كثيرا ما يحدث بين أصحاب المباديء ، فلقد كتم مؤمن من آل فرعون إيمانه ليمكّنه الدّفاع عن موسى عليهالسلام : (وَقالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمانَهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلاً أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللهُ) (٣). وأمر رسول الله نعيم من مسعود الأشجعي أن يكتم إيمانه في وقعة الأحزاب ، ليخذّل بين اليهود وقريش ، بل أذن له أن يقول فيه ما يشتهون(٤).
وقال السّيّد محسن الأمين في الأعيان :
__________________
(١) انظر ، تأريخ أبي الفداء : ١ / ١٢٠.
(٢) هذان البيتان هما من قصيدته النّونيّة الّتي قالها «أبو طالب» لرسول الله صلىاللهعليهوآله لمّا أخافته قريش أوّلها :
والله لن يصلوا إليك بجمعهم |
|
حتّى أوسّد في التّراب دفينا |
انظر ، تفسير الثّعلبيّ ، والّذي قال فيه : «قد اتّفق على صحّة نقل هذه الأبيات عن أبي طالب ، ديوان أبي طالب : ١٢ ، السّيرة النّبوّية لزيني دحلان هامش السّيرة الحلبية : ١ / ٩١ ، و ٢١١ ، شرح ابن أبي الحديد :
٣ / ٣٠٦ ، تأريخ أبي الفداء : ١ / ١٢٠ ، فتح الباري : ٧ / ١٥٣ ، الإصابة : ٤ / ١١٦ ، المواهب اللّدنيّة بالمنح المحمدية للقسطلاني : ١ / ٦١ ، تأريخ ابن كثير : ٣ / ٤٢ ، الواحديّ في أسباب النّزول : ١٦١ ، تفسير القرطبي : ٦ / ٤٠٦ ، الإصابة : ٧ / ٢٣٦ ، مناقب آل أبي طالب : ١ / ٥٣ ، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : ١٤ / ٥٥ ، الكاشف : ١ / ٥٠٠ ، البداية والنّهاية : ٣ / ٥٦ ، السّيرة النّبويّة : ١ / ٤٦٤.
(٣) غافر : ٢٨.
(٤) انظر ، فتح الباري : ٧ / ٣٩٣ ، فيض القدير : ٣ / ٤١١.