إذا ماذا أراد الحسين بقوله : «وأفزع إليك خائفا» (١). أنّه أراد أن يقول لله سبحانه : على الرّغم من كلّ ما حلّ بي يا إلهي فأنا طيّب النّفس ، صابر على امتحانك وبلائك ، راض بحكمك وقضائك ، وما أنا بمتألم ولا متبرم ، لأنّه لا مطمح لي إلّا رضاك ، فإن تألمت وخفت من شيء فإنّما أخاف أن تمنعني حبّك وقربك.
وهنا يقف العقل حائرا ومتسائلا : هل في الكون أعظم ، وأكبر منزلة عند الله من الحسين؟؟ هل ضحى أحد في سبيل الله ، والحقّ كما ضحى الحسين ، وهل وجد من هو في عمقه ورحابته؟! ولو ابتلي أحد بما ابتلي به الحسين لوجدنا وجها للموازنة والمقارنة. لقد سمعنا بمن ضحى بنفسه ، أو بماله ، أو بأولاده ، أمّا من ضحى بكلّ هذه مجتمعة ، أمّا من ذبح أطفاله الصّغار والكبار ، وقتل جميع أهل بيته وأصحابه ، وسبيت نساؤه ، واحرقت دياره ، ونهبت أمواله ، ورفع رأسه على الرّمح ، ووطأت الخيل صدره وظهره ، أمّا كلّ هذه مجتمعة فلم تكن لأحد غير الحسين ، ولن تكون أبدا! وبالتالي ، فإنّنا نتساءل : هل في الكون أعظم من الحسين؟ ونحن نؤمن بأنّه الصّورة الكاملة لعظمة جدّه محمّد ، وأبيه عليّ.
__________________
(١) انظر ، المصدر السّابق.