وتجمّع النّاس مع الحسين ، وهو سائر في طريقه إلى العراق ، ولمّا جدّ الجدّ تفرقوا عنه ، كما تفرقوا عن جدّه من قبل ، ولم يبق معه إلّا صفوة الصّفوة من الّذين أحبّوا الله ، والرّسول وآله ، وآثروا الموت من أجلهم على الأهل والمال ، قال عابس بن أبي شبيب :
(«يا أبا عبد الله ، أما والله أمسى على وجه الأرض قريب ولا بعيد أعزّ عليّ ، ولا أحبّ إليّ منك ، ولو قدرت على أن أدفع عنك الضّيم ، والقتل بشيء أعزّ عليّ من نفسي لفعلت (١). السّلام عليك يا أبا عبد الله ، أشهد أنّي على هديك ، وهدي أبيك ، ثمّ مشى بالسّيف إلى المعركة».
فرآه رجل من جيش ابن سعد ، وكان قد شاهده في المغازي ، والحروب ، فنادى بأصحابه : «أيّها النّاس هذا أسد الأسود ، هذا ابن شبيب فلا يبرز إليه أحد» ، فأخذ شبيب ينادي : ألا رجل ألا رجل ، فتحاماه العسكر ، فنادى ابن سعد : ارضخوه بالحجارة ، فرموه بها من كلّ جانب ، فالقى درعه ومغفره ، وشدّ عليهم ، فكان يطرد أمامه أكثر من مئتين») (٢).
وما أشبه موقف أمّ وهب في كربلاء بموقف نسيبة في أحد ، قالت لابنها
__________________
(١) انظر ، تأريخ الطّبريّ : ٥ / ٣٥٥ و ٤٤٣ ، شرح الأخبار : ٣ / ٢٤٩ ، معجم رجال الحديث : ١٠ / ١٩٣ رقم «٦٠٥٢» ، رجال الطّوسي : ٢٠٣ ، مقتل الحسين للخوارزمي : ١ / ١٩٧ ، البداية والنّهاية : ٨ / ٢٠٠ ، مثير الأحزان : ٢١.
(٢) انظر ، تأريخ الطّبري : ٥ / ٣٥٥ و ٤٤٣ ، مقتل الحسين للخوارزمي : ١ / ١٩٧ ، شرح الأخبار : ٣ / ٢٤٩ ، معجم رجال الحديث : ١٠ / ١٩٣ رقم «٦٠٥٢» ، رجال الطّوسي : ٢٠٣ ، البداية والنّهاية : ٨ / ٢٠٠ ، مثير الأحزان : ٢١.