علىّ رسلكم ، فان أعطيتمونى ما أطمئنّ إليه من عهودكم ومواثيقكم ، دخلنا معكم مصركم ، وإن تكن الاخرى انصرفت من حيث جئت ، فأسكت القوم فلم يردّوا عليه ، حتّى اذا جاء وقت العصر نادى مؤذّن الحسين ثمّ أقام وتقدّم الحسين عليهالسلام فصلّى بالفريقين ، ثمّ انفتل إليهم فأعاد مثل القول الاوّل فقال الحرّ بن يزيد : والله ما ندرى ما هذه الكتب التي تذكر.
فقال الحسين عليهالسلام : ائتنى بالخرجين اللّذين فيها كتبهم فأتى بخرجين مملؤين كتبا فنثرت بين يدى الحرّ وأصحابه ، فقال له الحرّ يا هذا لسنا ممّن كتب إليك شيئا من هذه الكتب ، وقد أمرنا ألّا نفارقك إذا لقيناك أو تقدم بالكوفة ، على الأمير عبيد الله بن زياد.
فقال الحسين عليهالسلام : الموت دون ذلك ثمّ أمر بأثقاله فحملت ، وأمر أصحابه ، فركبوا ، ثمّ ولّى وجهه منصرفا نحو الحجاز فحال القوم بينه وبين ذلك ، فقال الحسين للحرّ : ما الّذي تريد؟ قال أريد والله أن انطلق بك الى الامير عبيد الله بن زياد ، قال الحسين : اذن والله أنابذك الحرب ، فلمّا كثر الجدال بينهما قال الحرّ : انّى لم أومر بقتالك.
وإنمّا امرت ألّا افارقك وقد رأيت رأيا فيه السلامة من حربك وهو أن تجعل بينى وبينك طريقا لا تدخلك الكوفة ولا تردّك الى الحجاز ، تكون نصفا بينى وبينك حتّى يأتينا رأى الامير ، قال الحسين : فخذها هنا فاخذ متياسرا من طريق العذيب ومن ذلك المكان الى العذيب ثمانية وثلاثون ميلا. فسارا جميعا حتّى انتهوا الى عذيب الهجانات فنزلوا جميعا وكل فريق منهما على غلوة من الآخر (١).
٩ ـ قال المسعودى : فلمّا بلغ الحسين القادسية لقيه الحرّ بن يزيد التميمى ، فقال
__________________
(١) الاخبار الطوال : ٢٤٩.