له : أين تريد يا ابن رسول الله؟ قال : أريد هذا المصر فعرّفه بقتل مسلم ، وما كان من خبره ، ثمّ قال : ارجع فانّى لم أدع خلفى خيرا أرجوه لك فهمّ بالرجوع ، فقال له اخوة مسلم : والله لا نرجع حتّى نصيب ثارنا أو نقتل كلّنا ، فقال الحسين : لا خير فى الحياة بعدكم (١).
١٠ ـ قال الطبرى : حدّثت عن هشام ، عن أبى مخنف ، قال : حدّثنى أبو جناب ، عن عدىّ بن حرملة ، عن عبد الله بن سليم ، والمذرى بن المشمعل الأسديين ، قالا : أقبل الحسين عليهالسلام حتّى نزل شراف فلمّا كان فى السحر أمر فتيانه ، فاستقوا من الماء ، فاكثروا ، ثمّ ساروا منها فرسموا صدر يومهم حتّى انتصف النهار ، ثمّ انّ رجلا قال : الله أكبر! فقال الحسين : الله أكبر ما كبّرت قال : رأيت النخل ، فقال له الاسديان : إنّ هذا المكان ما رأينا به نخلة قطّ قالا : فقال لنا الحسين فما تريانه قلنا : نراه هوادى الخيل فقال : وأنا والله رأى ذلك.
فقال الحسين : أما لنا ملجأ نلجأ إليه ، نجعله فى ظهورنا ، ونستقبل القوم من وجه واحد؟ فقلنا له : بلى هذا ذو حسم إلى جنبك تميل إليه عن يسارك فان سبقت القوم إليه فهو كما تريد ، قالا فأخذ إليه ذات اليسار ، قالا : وصلنا معه ، فما كان بأسرع من أن طلعت علينا هوادى الخيل ، فتبيّناها وعدنا ، فلمّا رأونا وقد عدلنا عن الطريق ، عدلوا إلينا كأن أسنّتهم اليعاسيب وكأنّ راياتهم أجنحته الطير قال : فاستبقنا الى ذى حسم ، فسبقناهم إليه.
فنزل الحسين فأمر بأبنيته فضربت وجاء القوم وهم ألف فارس مع الحرّ بن يزيد التميمى اليربوعى ، حتى وقف هو وخيله ، مقابل الحسين فى حرّ الظهيرة والحسين وأصحابه معتمّون متقلّد وأسيافهم ، فقال الحسين لفتيانه : اسقوا القوم ،
__________________
(١) مروج الذهب : ٣ / ٧٠.