(قُلْ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللهِ وَإِنَّما أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ (٢٦) فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَقِيلَ هذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ (٢٧) قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَهْلَكَنِيَ اللهُ وَمَنْ مَعِيَ أَوْ رَحِمَنا فَمَنْ يُجِيرُ الْكافِرِينَ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ (٢٨) قُلْ هُوَ الرَّحْمنُ آمَنَّا بِهِ وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنا فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ (٢٩) قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ ماؤُكُمْ غَوْراً فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِماءٍ مَعِينٍ) (٣٠)
____________________________________
مشاركين له عليه الصلاة والسلام فى الوعد وتلاوة الآيات المتضمنة له وجواب الشرط محذوف أى إن كنتم صادقين فيما تخبرونه من مجىء الساعة والحشر فبينوا وقته (قُلْ إِنَّمَا الْعِلْمُ) أى العلم بوقته (عِنْدَ اللهِ) عزوجل لا يطلع عليه غيره كقوله تعالى (قُلْ إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ رَبِّي (وَإِنَّما أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ) أنذركم وقوع الموعود لا محالة وأما العلم بوقت وقوعه فليس من وظائف الإنذار والفاء فى قوله تعالى (فَلَمَّا رَأَوْهُ) فصيحة معربة عن تقدير جملتين وترتيب الشرطية عليهما كأنه قيل وقد أتاهم الموعود فرأوه فلما رأوه إلى آخر كما مر تحقيقه فى قوله تعالى (فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ) إلا أن المقدر هناك أمر واقع مرتب* على ما قبله بالفاء وههنا أمر منزل منزلة الواقع وارد على طريقة الاستئناف وقوله تعالى (زُلْفَةً) حال من مفعول رأوا إما بتقدير المضاف أى ذا زلفة وقرب أو على أنه مصدر بمعنى الفاعل أى مزدلفا أو* على أنه مصدر نعت به مبالغة أو ظرف أى رأوه فى مكان ذى زلفة (سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا) بأن غشيتها الكآبة ورهفها القتر والذلة ووضع الموصول موضع ضميرهم لذمهم بالكفر وتعليل المساءة* به (وَقِيلَ) توبيخا لهم وتشديدا لعذابهم (هذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ) أى تطلبونه فى الدنيا وتستعجلونه إنكارا واستهزاء على أنه تفتعلون من الدعاء وقيل هو من الدعوى أى تدعون أن لا بعث ولا حشر وقرىء تدعون هذا وقد روى عن مجاهد أن الموعود عذاب يوم بدر وهو بعيد (قُلْ أَرَأَيْتُمْ) أى أخبرونى* (إِنْ أَهْلَكَنِيَ اللهُ) أى أماتنى والتعبير عنه بالإهلاك لما كانوا يدعون عليه صلىاللهعليهوسلم وعلى* المؤمنين بالهلاك (وَمَنْ مَعِيَ) من المؤمنين (أَوْ رَحِمَنا) بتأخير آجالنا فنحن فى جوار رحمته متربصون* لإحدى الحسنيين (فَمَنْ يُجِيرُ الْكافِرِينَ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ) أى لا ينجيكم منه أحد متنا أو بقينا ووضع الكافرين موضع ضميرهم للتسجيل عليهم بالكفر وتعليل نفى الإنجاء به (قُلْ هُوَ الرَّحْمنُ) أى الذى* أدعوكم إلى عبادته مولى النعم كلها (آمَنَّا بِهِ) وحده لما علمنا أن كل ما سواه إما نعمة أو منعم عليه* (وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنا) لا على غيره أصلا لعلمنا بأن ما عداه كائنا ما كان بمعزل من النفع والضر (فَسَتَعْلَمُونَ) عن قريب البتة (مَنْ هُوَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) منا ومنكم وقرىء فسيعلمون بالياء التحتانية (قُلْ أَرَأَيْتُمْ) أى* أخبرونى (إِنْ أَصْبَحَ ماؤُكُمْ غَوْراً) أى غائرا فى الأرض بالكلية وقيل بحيث لا تناله الدلاء وهو مصدر