(وَمِزاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ (٢٧) عَيْناً يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ (٢٨) إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ (٢٩) وَإِذا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغامَزُونَ (٣٠) وَإِذَا انْقَلَبُوا إِلى أَهْلِهِمُ انْقَلَبُوا فَكِهِينَ (٣١) وَإِذا رَأَوْهُمْ قالُوا إِنَّ هؤُلاءِ لَضالُّونَ (٣٢) وَما أُرْسِلُوا عَلَيْهِمْ حافِظِينَ) (٣٣)
____________________________________
عليه نفوس الناس ويزيده كل أحد لنفسه وينفس به على غيره أى يضن به (وَمِزاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ) عطف على ختامه صفة أخرى لرحيق مثله وما بينهما اعتراض مقرر لنفاسته أى ما يمزج به على الرحيق من ماء تسنيم على أن من بيانية أو تبعيضية أو من نفسه على أنها ابتدائية والتسنيم علم لعين بعينها سميت به إما لأنها أرفع شراب فى الجنة وإما لأنها تأتيهم من فوق. روى أنها تجرى فى الهواء متسنمة فتصب فى أوانيهم (عَيْناً) نصب على الاختصاص وجواز أن يكون حالا من تسنيم مع كونه جامدا لا تصافه بقوله تعالى (يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ) فإنهم يشربونها صرفا وتمزج لسائر أهل الجنة فالباء مزيدة أو بمعنى* من وقوله تعالى (إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا) الخ حكاية لبعض قبائح مشركى قريش جىء بها تمهيدا لذكر بعض أحوال الأبرار فى الجنة (كانُوا) فى الدنيا (مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ) أى يستهزئون بفقرائهم* كعمار وصهيب وخباب وبلال وغيرهم من فقراء المؤمنين وتقديم الجار والمجرور إما للقصر إشعارا بغاية شناعة ما فعلوا أى كانوا من الذين آمنوا يضحكون مع ظهور عدم استحقاقهم لذلك على منهاج قوله تعالى (أَفِي اللهِ شَكٌ) أو لمراعاة الفواصل (وَإِذا مَرُّوا) أى فقراء المؤمنين (بِهِمْ) أى بالمشركين وهم فى أنديتهم وهو الأظهر وإن جاز العكس أيضا (يَتَغامَزُونَ) أى يغمز بعضهم بعضا ويشيرون* بأعينهم (وَإِذَا انْقَلَبُوا) من مجالسهم (إِلى أَهْلِهِمُ انْقَلَبُوا فَكِهِينَ) ملتذين بذكرهم بالسوء والسخرية منهم وفيه إشارة إلى أنهم كانوا لا يفعلون ذلك بمر أى من المارين بهم ويكتفون حينئذ بالتغامز وقرىء فاكهين قيل هما بمعنى وقيل فكهين أشرين وقيل فرحين وفاكهين متفكهين وقيل ناعمين وقيل مازحين (وَإِذا رَأَوْهُمْ) أينما كانوا (قالُوا إِنَّ هؤُلاءِ لَضالُّونَ) أى نسبوا المسلمين ممن رأوهم ومن غيرهم إلى الضلال بطريق التأكيد (وَما أُرْسِلُوا عَلَيْهِمْ) على المسلمين (حافِظِينَ) حال من واو