(وَنُيَسِّرُكَ لِلْيُسْرى (٨) فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرى (٩) سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشى) (١٠)
____________________________________
والسلام نسيتها وقيل نفى النسيان رأسا فإن القلة قد تستعمل فى النفى فالمراد بالنسيان حينئذ النسيان بالكلية إذ هو المنفى رأسا لا ما قد ينسى ثم يذكر (إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ وَما يَخْفى) تعليل لما قبله أى يعلم* ما ظهر وما بطن من الأمور التى من جملتها ما أوحى إليك فينسى ما يشاء إنساءه ويبقى محفوظا ما يشاء إبقاءه لما نيط بكل منهما من مصالح دينكم (وَنُيَسِّرُكَ لِلْيُسْرى) عطف على نقرئك كما ينبىء عنه الالتفات إلى الحكاية وما بينهما اعتراض وارد لما ذكر من التعليل وتعليق التيسير به عليه الصلاة والسلام مع أن الشائع تعليقه بالأمور المسخرة للفاعل كما فى قوله تعالى (وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي) للإيذان بقوة تمكينه عليه الصلاة والسلام من اليسرى والتصرف فيها بحيث صار ذلك ملكة راسخة له كأنه عليه الصلاة والسلام جبل عليها كما فى قوله عليه الصلاة والسلام اعملوا فكل ميسر لما خلق له أى نوفقك توفيقا مستمرا للطريقة اليسرى فى كل باب من أبواب الدين علما وتعليما واهتداء وهداية فيندرج فيه تيسير طريق تلقى الوحى والإحاطة بما فيه من أحكام الشريعة السمحة والنواميس الإلهية مما يتعلق بتكميل نفسه عليه الصلاة والسلام وتكميل غيره كما تفصح عنه الفاء فى قوله تعالى (فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرى) أى فذكر الناس حسبما يسرناك له بما يوحى إليك واهدهم إلى ما فى تضاعيفه من الأحكام الشرعية كما كنت تفعله لا بعد ما استتب لك الأمر كما قيل وتقييد التذكير بنفع الذكرى لما أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم طالما كان يذكرهم ويستفرغ فيه غاية المجهود ويتجاوز فى الجد كل حد معهود حرصا على إيمانهم وما كان يزيد ذلك بعضهم إلا كفرا وعنادا فأمر عليه الصلاة والسلام بأن يخص التذكير بمواد النفع فى الجملة بأن يكون من يذكره كلا أو بعضا ممن يرجى منه التذكر ولا يتعب نفسه فى تذكير من لا يورثه التذكير إلا عتوا ونفورا من المطبوع على قلوبهم كما فى قوله تعالى (فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخافُ وَعِيدِ) وقوله تعالى (فَأَعْرِضْ عَنْ مَنْ تَوَلَّى عَنْ ذِكْرِنا) وقيل هو ذم للمذكرين وإخبار عن حالهم واستبعاد لتأثير التذكير فيهم وتسجيل عليهم بالطبع على قلوبهم كقولك للواعظ عظ المكاسين إن سمعوا منك قصدا إلى أنه مما لا يكون والأول أنسب لقوله تعالى (سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشى) أى سيتذكر بتذكيرك من من شأنه أن يخشى الله تعالى حق خشيته أو من يخشى الله تعالى فى الجملة فيزداد ذلك بالتذكير فيتفكر فى أمر ما تذكر به فيقف على حقيته فيؤمن به وقيل إن بمعنى إذ كما فى قوله تعالى (وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) أى إذ كنتم وقيل هى بمعنى ما أى فذكر ما نفعت الذكرى فإنها لا تخلو