(وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعى (٤) فَجَعَلَهُ غُثاءً أَحْوى (٥) سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسى (٦) إِلاَّ ما شاءَ اللهُ إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ وَما يَخْفى) (٧)
____________________________________
لرأيت كل منها ما تحار فيه العقول يروى أن الأفعى إذا بلغت ألف سنة عميت وقد ألهمها الله تعالى أن تمسح عينها بورق الرازيانج الغض يرد إليها بصرها فربما كانت عند عروض العمى لها فى برية بينها وبين الريف مسافة طويلة فتطويها حتى تهجم فى بعض البساتين على شجرة الرازيانج لا تخطئها فتحك عينها بورقها وترجع باصرة بإذن الله عزوجل ويروى أن التمساح لا يكون له دبر وإنما يخرج فضلات ما يأكله من فمه حيث قيض الله له طائرا قدر غذاؤه من ذلك فإذا رآه التمساح يفتح فمه فيدخله الطائر فيأكل ما فيه وقد خلق الله تعالى له من فوق منقاره ومن تحته قرنين لئلا يطبق عليه التمساح فمه هذا وأما فنون هداياته سبحانه وتعالى للإنسان من حيث الجسمية ومن حيث الحيوانية لا سيما من حيث الإنسانية فمما لا يحيط به فلك العبارة والتحرير ولا يعلمه إلا العليم الخبير (وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعى) أى أنبت ما يرعاه الدواب غضا طريا يرف (فَجَعَلَهُ) بعد ذلك (غُثاءً أَحْوى) أى درينا أسود وقيل أحوى حال من المرعى أى أخرجه أحوى من شدة الخضرة والرى فجعله غثاء بعد ذلك وقوله تعالى (سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسى) بيان لهداية الله تعالى الخاصة برسول الله صلىاللهعليهوسلم إثر بيان هدايته تعالى العامة لكافة مخلوقاته وهى هدايته عليه الصلاة والسلام لتلقى الوحى وحفظ القرآن الذى هو هدى للعالمين وتوفيقه عليه الصلاة والسلام لهداية الناس أجمعين والسين إما للتأكيد وإما لأن المراد اقراء ما أوحى الله إليه حينئذ وما سيوحى إليه بعد ذلك فهو وعد كريم باستمرار الوحى فى ضمن الوعد بالإقراء أى سنقرئك ما نوحى إليك الآن وفيما بعد على لسان جبريل عليهالسلام أو سنجعلك قارئا بإلهام القراءة فلا تنسى أصلا من قوة الحفظ والإتقان مع أنك أمى لا تدرى ما الكتاب وما القراءة ليكون ذلك آية أخرى لك مع ما فى تضاعيف ما تقرؤه من الآيات البينات من حيث الإعجاز ومن حيث الإخبار بالمغيبات وقيل فلا تنسى نهى والألف لمراعاة الفاصلة كما فى قوله تعالى (فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا) وقوله تعالى (إِلَّا ما شاءَ اللهُ) استثناء مفرغ من أعم المفاعيل أى لا تنسى مما تقرؤه شيئا من الأشياء إلا ما شاء الله أن تنساه أبدا بأن نسخ تلاوته والالتفات إلى الاسم الجليل لتربية المهابة والإيذان بدوران المشيئة على عنوان الألوهية المستتبعة لسائر الصفات وقيل المراد به النسيان فى الجملة على القلة والندرة كما روى أنه عليه الصلاة والسلام أسقط آية فى قراءته فى الصلاة فحسب أبى أنها نسخت فسأله فقال عليه الصلاة