(وَكَذَّبَ بِالْحُسْنى (٩) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرى (١٠) وَما يُغْنِي عَنْهُ مالُهُ إِذا تَرَدَّى (١١) إِنَّ عَلَيْنا لَلْهُدى (١٢) وَإِنَّ لَنا لَلْآخِرَةَ وَالْأُولى (١٣) فَأَنْذَرْتُكُمْ ناراً تَلَظَّى (١٤) لا يَصْلاها إِلاَّ الْأَشْقَى (١٥) الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى) (١٦)
____________________________________
(وَاسْتَغْنى) أى زهد فيما عنده تعالى كأنه مستغن عنه فلم يتقه أو استغنى بشهوات الدنيا عن نعيم الآخرة* (وَكَذَّبَ بِالْحُسْنى) أى ما ذكر من المعانى المتلازمة (فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرى) أى للخصلة المؤدية إلى العسر والشدة كدخول النار ومقدماته لاختياره لها ولعل تصدير القسمين بالإعطاء والبخل مع أن كلا منهما أدنى رتبة مما بعدهما فى استتباع التيسير لليسرى والتيسير للعسرى للإيذان بأن كلا منهما أصل فيما ذكر لا تتمة لما بعدهما من التصديق والتقوى والتكذيب والاستغناء وتفسير الأول بإعطاء الطاعة والثانى بالبخل بما أمر به مع كونه خلاف الظاهر يأباه قوله تعالى (وَما يُغْنِي عَنْهُ) أى ولا يغنى أو أى شىء يغنى عنه (مالُهُ) الذى يبخل به (إِذا تَرَدَّى) أى هلك تفعل من الردى الذى هو الهلاك أو تردى* فى الحفرة إذا قبر أو تردى فى قعر جهنم (إِنَّ عَلَيْنا لَلْهُدى) استئناف مقرر لما قبله أى إن علينا بموجب قضائنا المبنى على الحكم البالغة حيث خلقنا الخلق للعبادة أن نبين لهم طريق الهدى وما يؤدى إليه من طريق الضلال وما يؤدى إليه وقد فعلنا ذلك بما لا مزيد عليه حيث بينا حال من سلك كلا الطريقين ترغيبا وترهيبا ومن ههنا تبين أن الهداية هى الدلالة على ما يوصل إلى البغية لا الدلالة الموصلة إليها قطعا (وَإِنَّ لَنا لَلْآخِرَةَ وَالْأُولى) أى التصرف الكلى فيهما كيفما نشاء فنفعل فيهما ما نشاء من الأفعال التى من جملتها ما وعدنا من التيسير لليسرى والتيسير للعسرى وقيل إن لنا كل ما فى الدنيا والآخرة فلا يضرنا ترككم الاهتداء بهدانا (فَأَنْذَرْتُكُمْ ناراً تَلَظَّى) بحذف إحدى التاءين من تتلظى أى تتلهب وقرىء على الأصل (لا يَصْلاها) صليا لازما (إِلَّا الْأَشْقَى) إلا الكافر فإن الفاسق لا يصلاها صليا لازما وقد صرح به قوله تعالى (الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى) أى كذب بالحق وأعرض عن الطاعة.