(إِنَّ الْإِنْسانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ (٦) وَإِنَّهُ عَلى ذلِكَ لَشَهِيدٌ (٧) وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ (٨) أَفَلا يَعْلَمُ إِذا بُعْثِرَ ما فِي الْقُبُورِ (٩) وَحُصِّلَ ما فِي الصُّدُورِ (١٠) إِنَّ رَبَّهُمْ بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَخَبِيرٌ) (١١)
____________________________________
على الإيراء المترتب على العدو وقوله تعالى (إِنَّ الْإِنْسانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ) أى لكفور من كند النعمة كنودا جواب القسم والمراد بالإنسان بعض أفراده. روى أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم بعث إلى أناس من بنى كنانة سرية واستعمل عليها المنذر بن عمرو الأنصارى وكان أحد النقباء فأبطأ عليه عليه الصلاة والسلام خبرها شهرا فقال المنافقون إنهم قتلوا فنزلت السورة إخبارا للنبى صلىاللهعليهوسلم بسلامتها وبشارة له بإغارتها على القوم ونعيا على المرجفين فى حقهم ما هم فيه من الكنود وفى تخصيص خيل الغزاة بالإقسام بها من البراعة ما لا مزيد عليه كأنه قيل وخيل الغزاة التى فعلت كيت وكيت وقد أرجف هؤلاء فى حق أربابها ما أرجفوا أنهم مبالغون فى الكفران (وَإِنَّهُ عَلى ذلِكَ) أى وإن الإنسان على كنوده (لَشَهِيدٌ) يشهد على نفسه بالكنود لظهور أثره عليه (وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ) أى المال كما فى قوله تعالى (إِنْ تَرَكَ خَيْراً (لَشَدِيدٌ) أى قوى مطيق مجد فى طلبه وتحصيله متهالك عليه* يقال هو شديد لهذا الأمر وقوى له إذا كان مطيقا له ضابطا وقيل الشديد البخيل أى أنه لأجل حب المال وثقل إنفاقه عليه لبخيل ممسك ولعل وصفه بهذا الوصف القبيح بعد وصفه بالكنود للإيماء إلى أن من جملة الأمور الداعية للمنافقين إلى النفاق حب المال لأنهم بما يظهرون من الإيمان يعصمون أموالهم ويحوزون من الغنائم نصيبا وقوله تعالى (أَفَلا يَعْلَمُ إِذا بُعْثِرَ ما فِي الْقُبُورِ) الخ تهديد ووعيد والهمزة للإنكار والفاء للعطف على مقدر يقتضيه المقام أى أيفعل ما يفعل من القبائح أو ألا يلاحظ فلا يعلم حاله إذا بعث من فى القبور من الموتى وإيراد مالكونهم إذ ذاك بمعزل من رتبة العقلاء بحثر وبحث وبحثر وبحث على بنائهم للفاعل (وَحُصِّلَ) أى جمع محصلا أو ميز خيره من شره وقرىء وحصل مبنيا للفاعل وحصل مخففا (ما فِي الصُّدُورِ) من الأسرار الخفية التى من جملتها ما يخفيه المنافقون من* الكفر والمعاصى فضلا عن الأعمال الجلية (إِنَّ رَبَّهُمْ) أى المبعوثين كنى عنهم بعد الإحياء الثانى بضمير العقلاء بعد ما عبر عنهم قبل ذلك بما بناء على تفاوتهم فى الحالين كما فعل نظيره بعد الإحياء الأول