(سَيَصْلى ناراً ذاتَ لَهَبٍ (٣) وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ (٤) فِي جِيدِها حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ) (٥)
____________________________________
الأمر كما أخبر به القرآن (سَيَصْلى) بفتح الياء وقرىء بضمها وفتح اللام بالتخفيف والتشديد والسين لتأكيد الوعيد وتشديده أى سيدخل لا محالة بعد هذا العذاب العاجل فى الآخرة (ناراً ذاتَ لَهَبٍ) * أى نارا عظيمة ذات اشتعال وتوقد وهى نار جهنم وليس هذا نصا فى أنه لا يؤمن أبدا حتى يلزم من تكليفه الإيمان بالقرآن أن يكون مكلفا بأن يؤمن بأنه لا يؤمن أبدا فيكون مأمورا بالجمع بين النقيضين كما هو المشهور فإن صلى النار غير مختص بالكفار فيجوز أن يفهم أبو لهب من هذا أن دخوله النار لفسقه ومعاصيه لا لكفره فلا اضطرار إلى الجواب المشهور من أن ما كلفه هو الإيمان بجميع ما جاء به النبى صلىاللهعليهوسلم إجمالا لا الإيمان بتفاصيل ما نطق به القرآن حتى يلزم أن يكلف الإيمان بعدم إيمانه المستمر (وَامْرَأَتُهُ) عطف على المستكن فى سيصلى لمكان الفصل بالمفعول وهى أم جميل بنت حرب أخت أبى سفيان وكانت تحمل حزمة من الشوك والحسك والسعدان فتنثرها بالليل فى طريق النبى صلىاللهعليهوسلم وكان صلىاللهعليهوسلم يطؤه كما يطأ الحرير وقيل كانت تمشى بالنميمة ويقال لمن يمشى بالنمائم ويفسد بين الناس يحمل الحطب بينهم أى يوقد بينهم النار (حَمَّالَةَ الْحَطَبِ) بالنصب* على الشتم والذم وقيل على الحالية بناء على أن الإضافة غير حقيقية إذ المراد أنها تحمل يوم القيامة حزمة من حطب جهنم كالزقوم والضريع وعن قتادة أنها مع كثرة مالها كاتب تحمل الحطب على ظهرها لشدة بخلها فعيرت بالبخل فالنصب حينئذ على الشتم حتما وقرىء بالرفع على أنه خبر وامرأته مبتدأ وقرىء حمالة للحطب بالتنوين نصبا ورفعا وقرىء مريته بالتصغير للتحقير (فِي جِيدِها حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ) جملة من خبر مقدم ومبتدأ مؤخر والجملة حالية وقيل الظرف خبر لامرأته وحبل مرتفع به على الفاعلية وقيل هو حال من امرأته على تقدير عطفها على ضمير سيصلى وحبل فاعل كما ذكر والمسد ما يفتل من الحبال فتلا شديدا من ليف المقل وقيل من أى ليف كان وقيل من لحاء شجر باليمن وقد يكون من جلود الإبل وأوبارها والمعنى فى عنقها حبل مما مسد من الحبل وأنها تحمل تلك الحزمة من الشوك وتربطها فى جيدها كما يفعل الحطابون تخسيسا بحالها وتصويرا لها بصورة بعض الحطابات من المواهن لتمتعض من ذلك ويتمعض بعلها وهما فى بيت العز والشرف قال مرة الهمدانى كانت أم جميل تأتى كل يوم بإبالة من حسك فتطرحها على طريق المسلمين فبينا هى ذات ليلة حاملة حزمة أعيت فقعدت على حجر لتستريح فجذبها الملك من خلفها فاختنقت بحبلها. عن النبى صلى الله عليه من قرأ سورة المسد تبت رجوت أن لا يجمع الله بينه وبين أبى لهب فى دار واحدة.