(لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (٣) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ) (٤)
____________________________________
وجل المستتبعة لكافة نعوت الكمال ثم أحديته الموجبة تنزهه عن شائبة التعدد والتركيب بوجه من الوجوه وتوهم المشاركة فى الحقيقة وخواصها ثم صمديته المقتضية لاستغنائه الذاتى عما سواه وافتقار جميع المخلوقات إليه فى وجودها وبقائها وسائر أحوالها تحقيقا للحق وإرشادا لهم إلى سننه الواضح ثم صرح ببعض أحكام جزئية مندرجة تحت الأحكام السابقة فقيل (لَمْ يَلِدْ) تنصيصا على إبطال زعم المفترين فى حق الملائكة والمسيح ولذلك ورد النفى على صيغة الماضى أى لم يصدر عنه ولد لأنه لا يجانسه شىء ليمكن أن يكون له من جنسه صاحبة فيتوالدا كما نطق به قوله تعالى (أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صاحِبَةٌ) ولا يفتقر إلى ما يعينه أو يخلفه لاستحالة الحاجة والفناء عليه سبحانه (وَلَمْ يُولَدْ) أى لم يصدر عن شىء لاستحالة* نسبة العدم إليه سابقا ولا حقا والتصريح به مع كونهم معترفين بمضمونه لتقرير ما قبله وتحقيقه بالإشارة إلى أنهما متلازمان إذ المعهود أن ما يلد يولد وما لا فلا ومن قضية الاعتراف بأنه لم يولد الاعتراف بأنه لا يلد فهو قريب من عطف لا يستقدمون على لا يستأخرون كما مر تحقيقه (وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ) أى لم يكافئه أحد ولم يماثله ولم يشاكله من صاحبة وغيرها وله صلة لكفؤا قدمت عليه مع أن حقها التأخر عنه للاهتمام بها لأن المقصود نفى المكافأة عن ذاته تعالى وقد جوز أن يكون خبرا لا صلة ويكون كفؤا حالا من أحد وليس بذاك وأما تأخير اسم كان فلمراعاة الفواصل ووجه الوصل بين هذه الجمل غنى عن البيان وقرىء بضم الكاف والفاء مع تسهيل الهمزة وبضم الكاف وكسرها مع سكون الفاء هذا ولا نطواء السورة الكريمة مع تقارب قطريها على أشتات المعارف الإلهية والرد على من الحد فيها ورد فى الحديث النبوى أنها تعدل ثلث القرآن فإن مقاصده منحصرة فى بيان العقائد والأحكام والقصص ومن عدلها بكله اعتبر المقصود بالذات منه. روى عن النبى صلىاللهعليهوسلم أنه قال أسست السموات السبع والأرضون السبع على قل هو الله أحد أى ما خلقت إلا لتكون دلائل على توحيد الله تعالى ومعرفة صفاته التى نطقت بها هذه السورة. وعنه عليهالسلام أنه سمع رجلا يقرأ قل هو الله أحد فقال وجبت فقيل وما وجبت يا رسول الله قال وجبت له الجنة.