(وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثاتِ فِي الْعُقَدِ (٤) وَمِنْ شَرِّ حاسِدٍ إِذا حَسَدَ) (٥)
____________________________________
أى دخل ظلامه فى كل شىء لأن حدوثه فيه أكثر والتحرز منه أصعب وأعسر ولذلك قيل الليل أخفى للويل وقيل الغاسق هو القمر إذا امتلأ ووقوبه دخوله فى الخسوف واسوداده لما روى عن عائشة رضى الله عنها أنها قالت أخذ رسول الله صلىاللهعليهوسلم بيدى فأشار إلى القمر فقال تعوذى بالله تعالى من شر هذا الغاسق إذا وقب وقيل التعبير عن القمر بالغاسق لأن جرمه مظلم وإنما يستنير بضوء الشمس ووقوبه المحاق فى آخر الشهر والمنجمون يعدونه نحسا ولذلك لا يشتغل السحرة بالسحر المورث للتمريض إلا فى ذلك الوقت قيل وهو المناسب لسبب النزول وقيل الغاسق الثريا ووقوبها سقوطها لأنها إذا سقطت كثرت الأمراض والطواعين وقيل هو كل شريعترى الإنسان ووقوبه هجومه (وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثاتِ فِي الْعُقَدِ) أى ومن شر النفوس أو النساء السواحر اللاتى يعقد عقدا فى خيوط وينفثن عليها والنفث النفخ مع ريق وقيل بدون ريق وقرىء النافثات كما قرىء النفثات بغير ألف وتعريفها إما للعهد أو للإيذان بشمول الشر لجميع أفرادهن وتمحضهن فيه وتخصيصه بالذكر لما روى ابن عباس وعائشة رضى الله عنهم أنه كان غلام من اليهود يخدم النبى صلىاللهعليهوسلم وكان عنده أسنان من مشطه صلىاللهعليهوسلم فأعطاها لليهود فسحروه عليهالسلام فيها وتولاه لبيد بن الأعصم اليهودى وبناته وهن النافثات فى العقد فدفنها فى بئر أريس فمرض النبى صلىاللهعليهوسلم فنزل جبريل عليهالسلام بالمعوذتين وأخبره بموضع السحر وبمن سحره وبم سحره فأرسل صلىاللهعليهوسلم عليا كرم الله وجهه والزبير وعمارا رضى الله عنهما فنزحوا ماء البئر فكأنه نقاعة الحناء ثم رفعوا راعوثة البئر وهى الصخرة التى توضع فى أسفل البئر فأخرجوا من تحتها الأسنان ومعها وتر قد عقد فيه إحدى عشرة عقدة مغرزة بالإبرة فجاؤا بها إلى النبى صلىاللهعليهوسلم فجعل يقرأ المعوذتين عليها فكان كلما قرأ آية انحلت عقدة ووجد صلىاللهعليهوسلم خفة حتى انحلت العقدة الأخيرة عنه تمام السورتين فقام صلىاللهعليهوسلم كأنما أنشط من عقال فقالوا يا رسول الله أفلا نقتل الخبيث فقال صلىاللهعليهوسلم أما أنا فقد عافانى الله عزوجل وأكره أن أثير على الناس شرا قالت عائشة رضى الله عنها ما غضب النبى صلىاللهعليهوسلم غضبا ينتقم لنفسه قط إلا أن يكون شيئا هو لله تعالى فيغضب لله وينتقم وقيل المراد بالنفث فى العقد أبطال عزائم الرجال بالحيل مستعار من تليين العقدة بنفث الريق ليسهل حلها (وَمِنْ شَرِّ حاسِدٍ إِذا حَسَدَ) أى إذا أظهر ما فى نفسه من الحسد وعمل بمقتضاه بترتيب مقدمات الشر ومبادىء الإضرار بالمحسود قولا أو فعلا والتقييد بذلك لما أن ضرر الحسد قبله إنما يحيق بالحسد لا غيره. عن النبى صلىاللهعليهوسلم من قرأ المعوذتين فكأنما قرأ الكتب التى أنزلها الله تعالى.