(لا يَأْكُلُهُ إِلاَّ الْخاطِؤُنَ (٣٧) فَلا أُقْسِمُ بِما تُبْصِرُونَ (٣٨) وَما لا تُبْصِرُونَ (٣٩) إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ (٤٠) وَما هُوَ بِقَوْلِ شاعِرٍ قَلِيلاً ما تُؤْمِنُونَ (٤١) وَلا بِقَوْلِ كاهِنٍ قَلِيلاً ما تَذَكَّرُونَ (٤٢) تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ (٤٣) وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنا بَعْضَ الْأَقاوِيلِ) (٤٤)
____________________________________
وصديدهم فعلين من الغسل (لا يَأْكُلُهُ إِلَّا الْخاطِؤُنَ) أصحاب الخطايا من خطىء الرجل إذا تعمد الذنب لا من الخطأ المقابل للصواب دون المقابل للعمد عن ابن عباس رضى الله عنهما أنهم المشركون وقرىء الخاطيون بإبدال الهمزة ياء وقرىء بطرحها وقد جوز أن يراد بهم الذين يتخطون الحق إلى الباطل ويتعدون حدود الله (فَلا أُقْسِمُ) أى فأقسم على أن لا مزيدة للتأكيد وأما حمله على معنى نفى الإقسام لظهور الأمر واستغنائه عن التحقيق فيرده تعيين المقسم به بقوله تعالى (بِما تُبْصِرُونَ) (وَما لا تُبْصِرُونَ) كما مر فى سورة الواقعة أى أقسم بالمشاهدات والمغيبات وقيل بالدنيا والآخرة وقيل بالأجسام والأرواح والإنس والجن والخلق والخالق والنعم الظاهرة والباطنة والأول منتظم للكل (إِنَّهُ) أى القرآن (لَقَوْلُ رَسُولٍ) يبلغه عن الله تعالى فإن الرسول لا يقول عن نفسه (كَرِيمٍ) على الله تعالى وهو النبى أو جبريل* عليهماالسلام (وَما هُوَ بِقَوْلِ شاعِرٍ) كما تزعمون تارة (قَلِيلاً ما تُؤْمِنُونَ) إيمانا قليلا تؤمنون (وَلا بِقَوْلِ كاهِنٍ) كما تدعون ذلك تارة أخرى (قَلِيلاً ما تَذَكَّرُونَ) أى تذكرا قليلا أو زمانا قليلا تتذكرون* على أن القلة بمعنى النفى أى لا تؤمنون ولا تتذكرون أصلا قيل ذكر الإيمان مع نفى الشاعرية والتذكر مع نفى الكاهنية لما أن عدم مشابهة القرآن الشعر أمر بين لا ينكره إلا معاند بخلاف مباينته للكهانة فإنها تتوقف على تذكر أحواله عليه الصلاة والسلام ومعانى القرآن المنافية لطريقة الكهنة ومعانى أقوالهم وأنت خبير بأن ذلك أيضا مما لا يتوقف على تأمل قطعا وقرىء بالياء فيهما (تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ) نزله على لسان جبريل عليهالسلام (وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنا بَعْضَ الْأَقاوِيلِ) سمى الافتراء تقولا لأنه قول متكلف والأقوال المفتراة أقاويل تحقيرا لها كأنها جمع أفعولة من القول كالأضاحيك.