(ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خاسِئاً وَهُوَ حَسِيرٌ (٤) وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بِمَصابِيحَ وَجَعَلْناها رُجُوماً لِلشَّياطِينِ وَأَعْتَدْنا لَهُمْ عَذابَ السَّعِيرِ (٥) وَلِلَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ عَذابُ جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (٦) إِذا أُلْقُوا فِيها سَمِعُوا لَها شَهِيقاً وَهِيَ تَفُورُ) (٧)
____________________________________
جليلة أو استئناف والخطاب للرسول صلىاللهعليهوسلم أو لكل أحد ممن يصلح للخطاب ومن لتأكيد النفى أى ما ترى فيه شيئا من تفاوت أى اختلاف وعدم تناسب من الفوت فإن كلا من المتفاوتين يفوت* منه بعض ما فى الآخر وقرىء من تفوت ومعناهما واحد وقوله تعالى (فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرى مِنْ فُطُورٍ) متعلق به على معنى التسبيب حيث أخبر أو لا بأنه لا تفاوت فى خلقهن ثم قيل فارجع البصر حتى يتضح لك ذلك بالمعاينة ولا يبقى عندك شبهة ما والفطور الشقوق والصدوع جمع فطر وهو الشق يقال فطره فانفطر (ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ) أى رجعتين أخريين فى ارتياد الخلل والمراد بالتثنية التكرير والتكثير* كما فى لبيك وسعديك أى رجعة بعد رجعة وإن كثرت (يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خاسِئاً) أى بعيدا محروما* من إصابة ما التمسه من العيب والخلل كأنه يطرد عن ذلك طردا بالصغار والقماءة (وَهُوَ حَسِيرٌ) أى كليل لطول المعاودة وكثرة المراجعة وقوله تعالى (وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا) بيان لكون خلق السموات فى غاية الحسن والبهاء إثر بيان خلوها عن شائبة القصور وتصدير الجملة بالقسم لإبراز كمال الاعتناء بمضمونها* أى وبالله لقد زينا أقرب السموات إلى الأرض (بِمَصابِيحَ) أى بكواكب مضيئة بالليل إضاءة السرج من السيارات والثوابت تتراءى كأن كلها مركوزة فيها مع أن بعضها فى سائر السموات وما ذاك إلا لأن كل واحدة منها مخلوقة على نمط رائق تحار فى فهمه الأفكار وطراز فائق تهيم فى دركه الأنظار* (وَجَعَلْناها رُجُوماً لِلشَّياطِينِ) وجعلنا لها فائدة أخرى هى رجم أعدائكم بانقضاض الشهب المقتبسة من نار الكواكب وقيل معناه وجعلناها ظنونا ورجوما بالغيب لشياطين الإنس وهم المنجمون ولا* يساعده المقام والرجوم جمع رجم بالفتح وهو ما يرجم به (وَأَعْتَدْنا لَهُمْ) فى الآخرة (عَذابَ السَّعِيرِ) بعد الاحتراق فى الدنيا بالشهب (وَلِلَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ) من الشياطين وغيرهم (عَذابُ جَهَنَّمَ) وقرىء بالنصب على أنه عطف على عذاب السعير وللذين على لهم (وَبِئْسَ الْمَصِيرُ) أى جهنم (إِذا أُلْقُوا فِيها سَمِعُوا لَها) أى لجهنم وهو متعلق بمحذوف وقع حالا من قوله تعالى (شَهِيقاً) لأنه فى الأصل صفته فلما قدمت صارت حالا أى سمعوا كائنا لها شهيقا أى صوتا كصوت الحمير وهو حسيسها المنكر الفظيع* قالوا الشهيق فى الصدر والزفير فى الحلق (وَهِيَ تَفُورُ) أى والحال أنها تغلى بهم غليان المرجل بما فيه وجعل الشهيق لأهلها منهم وممن طرح فيها قبلهم كما فى قوله تعالى (لَهُمْ فِيها زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ) يرده قوله تعالى