(وَأَنَّا ظَنَنَّا أَنْ لَنْ نُعْجِزَ اللهَ فِي الْأَرْضِ وَلَنْ نُعْجِزَهُ هَرَباً (١٢) وَأَنَّا لَمَّا سَمِعْنَا الْهُدى آمَنَّا بِهِ فَمَنْ يُؤْمِنْ بِرَبِّهِ فَلا يَخافُ بَخْساً وَلا رَهَقاً (١٣) وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقاسِطُونَ فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُولئِكَ تَحَرَّوْا رَشَداً (١٤) وَأَمَّا الْقاسِطُونَ فَكانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَباً (١٥) وَأَنْ لَوِ اسْتَقامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْناهُمْ ماءً غَدَقاً (١٦) لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَمَنْ يُعْرِضْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِ يَسْلُكْهُ عَذاباً صَعَداً) (١٧)
____________________________________
جمع قدة من قد كالقطعة من قطع (وَأَنَّا ظَنَنَّا) أى علمنا الآن (أَنْ لَنْ نُعْجِزَ اللهَ) أى الشأن لن نعجز الله كائنين (فِي الْأَرْضِ) أينما كنا من أقطارها (وَلَنْ نُعْجِزَهُ هَرَباً) هاربين منها إلى السماء أو لن نعجزه* فى الأرض إن أراد بنا أمرا ولن نعجزه هربا إن طلبنا (وَأَنَّا لَمَّا سَمِعْنَا الْهُدى) أى القرآن الذى هو الهدى بعينه (آمَنَّا بِهِ) من غير تلعثم وتردد (فَمَنْ يُؤْمِنْ بِرَبِّهِ) وبما أنزله (فَلا يَخافُ) فهو لا يخاف* (بَخْساً) أى نقصا فى الجزاء (وَلا رَهَقاً) ولا أن ترهقه ذلة أو جزاء بخس ولا رهق إذا لم يبخس أحدا* حقا ولا رهق ظلم أحد فلا يخاف جزاءهما وفيه دلالة على أن من حق من آمن بالله تعالى أن يجتنب المظالم وقرىء فلا يخف والأول أدل على تحقيق نجاة المؤمن واختصاصها به (وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقاسِطُونَ) الجائرون عن طريق الحق الذى هو الإيمان والطاعة (فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُولئِكَ) إشارة إلى من* أسلم والجمع باعتبار المعنى (تَحَرَّوْا) توخوا (رَشَداً) عظيما يبغلهم إلى دار الثواب (وَأَمَّا الْقاسِطُونَ) الجائرون عن سنن الإسلام (فَكانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَباً) توقد بهم كما توقد بكفرة الإنس (وَأَنْ لَوِ اسْتَقامُوا) أن مخففة من الثقيلة والجملة معطوفة قطعا على أنه استمع والمعنى وأوحى إلى أن الشأن لو استقام الجن والإنس أو كلاهما (عَلَى الطَّرِيقَةِ) التى هى ملة الإسلام (لَأَسْقَيْناهُمْ ماءً غَدَقاً) أى لو سعنا عليهم الرزق* وتخصيص الماء الغدق وهو الكثير بالذكر لأنه أصل المعاش والسعة ولعزة وجوده بين العرب وقيل لو استقام الجن على الطريقة المثلى أى لو ثبت أبوهم الجان على ما كان عليه من عبادة الله تعالى وطاعته ولم يتكبر عن السجود لآدم عليهالسلام ولم يكفر وتبعه ولده فى الإسلام لأنعمنا عليهم ووسعنا رزقهم (لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ) لنختبرهم كيف يشكرونه وقيل معناه أنه لو استقام الجن على طريقتهم القديمة ولم يسلموا باستماع القرآن لو سعنا عليهم الرزق استدراجا لنوقعهم فى الفتنة ونعذبهم فى كفران النعمة (وَمَنْ يُعْرِضْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِ) عن عبادته أو عن موعظته أو وحيه (يَسْلُكْهُ) يدخله (عَذاباً صَعَداً) أى* شاقا صعبا يعلو المعذب ويغلبه على أنه مصدر وصف به مبالغة.