(لِيَعْلَمَ أَنْ قَدْ أَبْلَغُوا رِسالاتِ رَبِّهِمْ وَأَحاطَ بِما لَدَيْهِمْ وَأَحْصى كُلَّ شَيْءٍ عَدَداً) (٢٨)
____________________________________
المتعلقة بالكشف فإن اختصاص الغاية القاصية من مراتب الكشف بالرسل لا يستلزم عدم حصول مرتبة ما من تلك المراتب لغيرهم أصلا ولا يدعى أحد لأحد من الأولياء ما فى رتبة الرسل عليهمالسلام* من الكشف الكامل الحاصل بالوحى الصريح وقوله تعالى (فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَداً) تقرير وتحقيق للإظهار المستفاد من الاستثناء وبيان لكيفيته أى فإنه يسلك من جميع جوانب الرسول صلىاللهعليهوسلم عند إظهاره على غيبه حرسا من الملائكة يحرسونه من تعرض الشياطين لما أظهره عليه من الغيوب المتعلقة برسالته وقوله تعالى (لِيَعْلَمَ أَنْ قَدْ أَبْلَغُوا رِسالاتِ رَبِّهِمْ) متعلق بيسلك غاية له من حيث أنه مترتب على الإبلاغ المترتب عليه إذ المراد به العلم المتعلق بالإبلاغ الموجود بالفعل وأن مخففة من النقيلة واسمها الذى هو ضمير الشأن محذوف والجملة خبرها ورسالات ربهم عبارة عن الغيب الذى أريد إظهار المرتضى عليه والجمع باعتبار تعدد أفراده وضمير أبلغوا إما للرصد فالمعنى أنه تعالى يسلكهم من جميع جوانب المرتضى ليعلم أن الشأن قد أبلغوه رسالات ربهم سالمة عن الاختطاف والتخليط علما مستتبعا للجزاء وهو أن يعلمه موجودا حاصلا بالفعل كما فى قوله تعالى (حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجاهِدِينَ) والغاية فى الحقيقة هو الإبلاغ والجهاد وإيراد علمه تعالى لإبراز اعتنائه تعالى بأمرهما والإشعار بترتيب الجزاء عليهما والمبالغة فى الحث عليهما والتحذير عن التفريط فيهما وأما لمن ارتضى والجمع باعتبار معنى من كما أن الإفراد فى الضميرين السابقين باعتبار لفظها فالمعنى ليعلم أنه قد أبلغ الرسل الموحى إليهم رسالات ربهم إلى أممهم كما هى من غير اخنطاف ولا تخليط بعد ما أبلغها الرصد إليهم كذلك وقوله* تعالى (وَأَحاطَ بِما لَدَيْهِمْ) أى بما عند الرصد أو الرسل عليهمالسلام حال من فاعل يسلك بإضمار قد أو بدونه على الخلاف المشهور جىء بها لتحقيق استغنائه تعالى فى العلم بالإبلاغ عما ذكر من سلك الرصد على الوجه المذكور أى يسلكهم بين يديه ومن خلفه ليترتب عليه علمه تعالى بما ذكر والحال* أنه تعالى قد أحاط بما لديهم من الأحوال جميعا (وَأَحْصى كُلَّ شَيْءٍ) مما كان وما سيكون (عَدَداً) أى فردا فردا وهو تمييز منقول من المفعول به كقوله تعالى (وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُوناً) والأصل أحصى عدد كل شىء وقيل هو حال أى معدودا محصورا أو مصدر بمعنى احصاء وأيا ما كان ففائدته بيان أن علمه تعالى بالأشياء ليس على وجه كلى إجمالى بل على وجه جزئى تفصيلى فإن الإحصاء قديراد به الإحاطة الإجمالية كما فى قوله تعالى (وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللهِ لا تُحْصُوها) أى لا تقدروا على حصرها إجمالا فضلا عن التفصيل وذلك لأن أصل الإحصاء أن الحاسب إذا بلغ عقدا معينا من عقود الأعداد كالعشرة والمائة والألف وضع حصاة ليحفظ بها كمية ذلك العقد فيبنى على ذلك حسابه هذا وأماما قيل من أن قوله تعالى (وَأَحاطَ بِما لَدَيْهِمْ) الخ معطوف على مقدر يدل عليه قوله تعالى (لِيَعْلَمَ) كأنه قيل قد علم ذلك وأحاط بما لديهم الخ فبمعزل من السداد. عن النبى صلىاللهعليهوسلم من قرأ سورة الجن كان له بعدد كل جنى صدق بمحمدا وكذب به عتق رقبة.