(يَوْمَ تَرْجُفُ الْأَرْضُ وَالْجِبالُ وَكانَتِ الْجِبالُ كَثِيباً مَهِيلاً (١٤) إِنَّا أَرْسَلْنا إِلَيْكُمْ رَسُولاً شاهِداً عَلَيْكُمْ كَما أَرْسَلْنا إِلى فِرْعَوْنَ رَسُولاً (١٥) فَعَصى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ فَأَخَذْناهُ أَخْذاً وَبِيلاً (١٦) فَكَيْفَ تَتَّقُونَ إِنْ كَفَرْتُمْ يَوْماً يَجْعَلُ الْوِلْدانَ شِيباً (١٧) السَّماءُ مُنْفَطِرٌ بِهِ كانَ وَعْدُهُ مَفْعُولاً (١٨) إِنَّ هذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شاءَ اتَّخَذَ إِلى رَبِّهِ سَبِيلاً) (١٩)
____________________________________
وقوله تعالى (يَوْمَ تَرْجُفُ الْأَرْضُ وَالْجِبالُ) أى تضطرب وتتزلزل ظرف للاستقرار الذى تعلق به* لدينا وقيل متعلق بمضمر هو صفة لعذابنا أى عذابا واقعا يوم ترجف (وَكانَتِ الْجِبالُ) مع صلابتها* وارتفاعها (كَثِيباً) رملا مجتمعا من كثب الشىء إذا جمعه كأنه فعيل بمعنى مفعول (مَهِيلاً) منثورا من هيل هيلا إذا نثر وأسيل (إِنَّا أَرْسَلْنا إِلَيْكُمْ) يأهل مكة (رَسُولاً شاهِداً عَلَيْكُمْ) يشهد يوم القيامة* بما صدر عنكم من الكفر والعصيان (كَما أَرْسَلْنا إِلى فِرْعَوْنَ رَسُولاً) هو موسى عليهالسلام وعدم تعيينه لعدم دخله فى التشبيه (فَعَصى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ) الذى أرسلناه إليه ومحل الكاف النصب على أنها صفة لمصدر محذوف أى إنا أرسلنا إليكم رسولا فعصيتموه كما يعرب عنه قوله تعالى (شاهِداً عَلَيْكُمْ) * إرسالا كائنا كما أرسلنا إلى فرعون رسولا فعصاه وقوله تعالى (فَأَخَذْناهُ أَخْذاً وَبِيلاً) خارج من التشبيه جىء به للتنبيه على أنه سيحيق بهؤلاء ما حاق بأولئك لا محالة والوبيل الثقيل الغليظ من قولهم كلأوبيل أى وخيم لا يستمرا لثقله والوبيل العصا الضخمة (فَكَيْفَ تَتَّقُونَ) أى كيف تقون أنفسكم* (إِنْ كَفَرْتُمْ) أى بقيتم على الكفر (يَوْماً) أى عذاب يوم (يَجْعَلُ الْوِلْدانَ) من شدة هوله وفظاعة* ما فيه من الدواهى (شِيباً) شيوخا جمع أشيب إما حقيقة أو تمثيلا وأصله أن الهموم والأحزان إذا تفاقمت على المرء ضعفت قواه وأسرع فيه الشيب وقد جوز أن يكون ذلك وصفا لليوم بالطول وليس بذاك (السَّماءُ مُنْفَطِرٌ) أى منشق وقرىء متفطر أى متشقق والتذكير لإجرائه على موصوف مذكر أى شىء منفطر عبر عنها بذلك للتنبيه على أنه تبدلت حقيقتها وزال عنها اسمها ورسمها ولم يبق منها إلا ما يعبر عنه بالشىء وقيل لتأويل السماء بالسقف وقيل هو من باب النسب أى ذات انفطار والباء فى* قوله تعالى (بِهِ) مثلها فى فطرت العود بالقدوم (كانَ وَعْدُهُ مَفْعُولاً) الضمير لله عزوجل والمصدر مضاف إلى فاعله أو لليوم وهو مضاف إلى مفعوله (إِنَّ هذِهِ) إشارة إلى الآيات المنطوية على القوراع* المذكورة (تَذْكِرَةٌ) موعظة (فَمَنْ شاءَ اتَّخَذَ إِلى رَبِّهِ سَبِيلاً) بالتقريب إليه بالإيمان والطاعة فإنها المنهاج