(نَذِيراً لِلْبَشَرِ (٣٦) لِمَنْ شاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ (٣٧) كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ رَهِينَةٌ (٣٨) إِلاَّ أَصْحابَ الْيَمِينِ (٣٩) فِي جَنَّاتٍ يَتَساءَلُونَ (٤٠) عَنِ الْمُجْرِمِينَ) (٤١)
____________________________________
كأنها جمع قاصعة أى لإحدى البلايا أو لإحدى الدواهى الكبر على معنى أن البلايا الكبر أو الدواهى الكبر كثيرة وهذه واحدة فى العظم لا نظيرة لها (نَذِيراً لِلْبَشَرِ) تمييز أى لإحدى الكبر إنذارا أو حال مما دلت عليه الجملة أى كبرت منذرة وقرىء نذير بالرفع على أنه خبر بعد خبر لأن أو لمبتدأ محذوف (لِمَنْ شاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ) بدل من للبشر أى نذيرا لمن شاء منكم أن يسبق إلى الخير فيهديه الله تعالى أو لم يشأ ذلك فيضله وقيل لمن شاء خبر وأن يتقدم أو يتأخر مبتدأ فيكون فى معنى قوله تعالى (فَمَنْ شاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شاءَ فَلْيَكْفُرْ) (كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ رَهِينَةٌ) مرهونة عند الله تعالى بكسبها والرهينة اسم بمعنى الرهن كالشتيمة بمعنى الشتم لا صفة وإلا لقيل رهين لأن فعيلا بمعنى مفعول لا يدخله التاء (إِلَّا أَصْحابَ الْيَمِينِ) فإنهم فاكون رقابهم بما أحسنوا من أعمالهم كما يفك الراهن رهنه بأداء الدين وقيل هم الملائكة وقيل الأطفال وقيل هم الذين سبقت لهم من الله تعالى الحسنى وقيل الذين كانوا عن يمين آدم عليهالسلام يوم الميثاق وقيل الذين يعطون كتبهم بأيمانهم (فِي جَنَّاتٍ) لا يكتنه كنهها ولا يدرك وصفها وهو خبر لمبتدأ محذوف والجملة استئناف وقع جوابا عن سؤال نشأ مما قبله من استثناء أصحاب اليمين كأنه قيل ما بالهم فقيل هم فى جنات وقيل حال من أصحاب اليمين وقيل من ضميرهم فى قوله تعالى (يَتَساءَلُونَ) وقيل ظرف للتساؤل وليس المراد بتساؤلهم أن يسأل بعضهم بعضا على أن يكون كل* واحد منهم سائلا ومسؤلا معا بل صدور السؤال عنهم مجردا عن وقوعه عليهم فإن صيغة التفاعل وإن وضعت فى الأصل للدلالة على صدور الفعل عن المتعدد ووقوعه عليه معا بحيث يصير كل واحد من ذلك فاعلا ومفعولا معا كما فى قولك تراءى القوم أى رأى كل واحد منهم الآخر لكنها قد تجرد عن المعنى الثانى ويقصد بها الدلالة على الأول فقط فيذكر للفعل حينئذ مفعول كما فى قولك تراءوا الهلال فمعنى يتساءلون (عَنِ الْمُجْرِمِينَ) يسألونهم عن أحوالهم وقد حذف المسؤل لكونه عين المسؤل عنه