(إِنَّ عَلَيْنا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ (١٧) فَإِذا قَرَأْناهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ (١٨) ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنا بَيانَهُ (١٩) كَلاَّ بَلْ تُحِبُّونَ الْعاجِلَةَ (٢٠) وَتَذَرُونَ الْآخِرَةَ (٢١) وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ (٢٢) إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ) (٢٣)
____________________________________
(إِنَّ عَلَيْنا جَمْعَهُ) فى صدرك بحيث لا يذهب عليك شىء من معانيه (وَقُرْآنَهُ) أى إثبات قراءته فى لسانك (فَإِذا قَرَأْناهُ) أى أتممنا قراءته عليك بلسان جبريل عليهالسلام وإسناد القراءة إلى نون العظمة للمبالغة فى إيجاب التأنى (فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ) فكن مقفيا له ولا تراسله (ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنا بَيانَهُ) أى بيان ما أشكل عليك من معانيه وأحكامه (كَلَّا) ردع له عليه الصلاة والسلام عن عادة العجلة وترغيب له فى الأناة وأكد ذلك بقوله تعالى (بَلْ تُحِبُّونَ الْعاجِلَةَ) (وَتَذَرُونَ الْآخِرَةَ) على تعميم الخطاب للكل أى بل أنتم يا بنى آدم لما خلقتم من عجل وجبلتم عليه تعجلون فى كل شىء ولذلك تحبون العاجلة وتذرون الآخرة وقيل كلا ردع للإنسان عن الاغترار بالعاجل فيكون جمع الضمير فى الفعلين باعتبار معنى الجنس ويؤيده قراءة الفعلين على صيغة الغيبة (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ) أى وجوه كثيرة وهى وجوه المؤمنين المخلصين يوم إذ تقوم القيامة بهية متهللة يشاهد عليها نضرة النعيم على أن وجوه مبتدأ وناضرة خبره ويومئذ منصوب بناضرة وناظرة فى قوله تعالى (إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ) خبر ثان للمبتدأ أو نعت لناضرة وإلى ربها متعلق بناظرة وصحة وقوع النكرة مبتدأ لأن المقام مقام تفصيل لا على أن ناضرة صفة لوجوه والخبر ناظرة كما قيل لما هو المشهور من أن حق الصفة أن تكون معلومة الانتساب إلى الموصوف عند السامع وحيث لم يكن ثبوت النضرة للوجوه كذلك فحقه أن يخبر به ومعنى كونها ناظرة إلى ربها أنها تراه تعالى مستغرقة فى مطالعة جماله بحيث تغفل عما سواه وتشاهده تعالى بلا كيف ولا على جهة وليس هذا فى جميع الأحوال حتى ينافيه نظرها إلى غيره وقيل منتظرة إنعامه ورد بأن الانتظار لا يسند إلى الوجه وتفسيره بالجملة خلاف الظاهر وأن المستعمل بمعناه لا يعدى بإلى.