(وَجَزاهُمْ بِما صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيراً (١٢) مُتَّكِئِينَ فِيها عَلَى الْأَرائِكِ لا يَرَوْنَ فِيها شَمْساً وَلا زَمْهَرِيراً (١٣) وَدانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلالُها وَذُلِّلَتْ قُطُوفُها تَذْلِيلاً) (١٤)
____________________________________
(وَجَزاهُمْ بِما صَبَرُوا) بصبرهم على مشاق الطاعات ومهاجرة هوى النفس فى اجتناب المحرمات وإيثار الأموال (جَنَّةً) بستانا يأكلون منه ما شاؤا (وَحَرِيراً) يلبسونه ويتزينون به وعن ابن عباس رضى* الله عنهما أن الحسن والحسين رضى الله عنهما مرضا فعادهما النبى صلىاللهعليهوسلم فى ناس معه فقالوا لعلى رضى الله عنه لو نذرت على ولدك فنذر على وفاطمة رضى الله تعالى عنهما وفضة جارية لهما إن برئا مما بهما أن يصوموا ثلاثة أيام فشفيا وما معهم شىء فاستقرض على رضى الله عنه من شمعون الخيبرى ثلاث أصوع من شعير فطحنت فاطمة رضى الله تعالى عنها صاعا واختبزت خمسة أقراص على عددهم فوضعوها بين أيديهم ليفطروا فوقف عليهم سائل فقال السلام عليكم أهل بيت محمد مسكين من مساكين المسلمين أطعمونى أطعمكم الله تعالى من موائد الجنة فآثروه وباتوا لم يذقوا إلا الماء وأصبحوا صياما فلما أمسوا ووضعوا الطعام بين أيديهم وقف عليهم يتيم فآثروه ثم وقف عليهم فى الثالثة أسير ففعلوا مثل ذلك فلما أصبحوا أخذ على بيد الحسن والحسين رضى الله عنهم فأقبلوا إلى النبى صلىاللهعليهوسلم فلما أبصرهم وهم يرتعشون كالفراخ من شدة الجوع قال عليه الصلاة والسلام ما أشد ما يسوؤنى ما أرى بكم وقام فانطلق معهم فرأى فاطمة فى محرابها قد التصق ظهرها ببطنها وغارت عيناها فساءه ذلك فنزل جبريل عليهالسلام وقال خذها يا محمد هناك الله تعالى فى أهل بيتك فأقرأه السورة (مُتَّكِئِينَ فِيها عَلَى الْأَرائِكِ) حال من هم فى جزاهم والعامل فيها جزى وقيل صفة لجنة من غير إبراز الضمير والأرائك هى السرر فى الحجال وقوله تعالى (لا يَرَوْنَ فِيها شَمْساً وَلا زَمْهَرِيراً) إما حال ثانية من الضمير أو المستكن* فى متكئين والمعنى أنه يمر عليهم هواء معتدل لا حار محم ولا بارد مؤذ وقيل الزمهرير القمر فى لغة طيىء والمعنى أن هواءها مضى بذاته لا يحتاج إلى شمس ولا قمر (وَدانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلالُها) عطف على ما قبلها حال مثلها أو صفة لمحذوف معطوف على جنة وأى جنة أخرى دانية عليهم ظلالها على أنهم وعدوا جنتين كما فى قوله تعالى (وَلِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ جَنَّتانِ) وقرىء دانية بالرفع على أنه خبر لظلالها والجملة فى حيز الحال والمعنى لا يرون فيها شمسا ولا زمهريرا والحال أن ظلالها دانية قالوا معناه أن ظلال أشجار الجنة قريبة من الأبرار مظلة عليهم زيادة فى نعيمهم على معنى أنه لو كان هناك شمس مؤذية لكانت أشجارها مظلة عليهم أنه لا شمس ثمة ولا قمر (وَذُلِّلَتْ قُطُوفُها تَذْلِيلاً) أى سخرت ثمارها لمتناوليها وسهل أخذها* من الذل وهو ضد الصعوبة والجملة حال من دانية أى تدنو ظلالها عليهم مذللة لهم قطوفها أو معطوفة على دانية عليهم ظلالها ومذللة قطوفها وعلى تقدير رفع دانية فهى جملة فعلية معطوفة على جملة اسمية.