(يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخافُونَ يَوْماً كانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً (٧) وَيُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً (٨) إِنَّما نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللهِ لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزاءً وَلا شُكُوراً (٩) إِنَّا نَخافُ مِنْ رَبِّنا يَوْماً عَبُوساً قَمْطَرِيراً (١٠) فَوَقاهُمُ اللهُ شَرَّ ذلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُوراً) (١١)
____________________________________
* عباد الله وقيل الضمير للكأس والمعنى يشربون العين بتلك الكأس (يُفَجِّرُونَها تَفْجِيراً) أى يجرونها حيثما شاؤا من منازلهم إجراء سهلا لا يمتنع عليهم بل يجرى جريا بقوة واندفاع والجملة صفة أخرى لعينا وقوله تعالى (يُوفُونَ بِالنَّذْرِ) استئناف مسوق لبيان ما لأجله رزقوا ما ذكر من النعيم مشتمل على نوع تفصيل لما ينبىء عنه اسم الأبرار إجمالا كأنه قيل ماذا يفعلون حتى ينالوا تلك الرتبة العالية* فقيل يوفون بما أوجبوه على أنفسهم فكيف بما أوجبه الله تعالى عليهم (وَيَخافُونَ يَوْماً كانَ شَرُّهُ) عذابه* (مُسْتَطِيراً) فاشيا منتشرا فى الأقطار غاية الانتشار من استطار الحريق والفجر وهو أبلغ من طار بمنزلة استنفر من نفر (وَيُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى حُبِّهِ) أى كائنين على حب الطعام والحاجة إليه كما فى قوله تعالى (لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ) أو على حب الإطعام بأن يكون ذلك بطيب النفس أو كائنين على حب الله تعالى أو إطعاما كائنا على حبه تعالى وهو الأنسب لما سيأتى من قوله تعالى (لِوَجْهِ اللهِ (مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً) أى أسير فإنه كان عليه الصلاة والسلام يؤتى بالأسير فيدفعه إلى بعض المسلمين فيقول أحسن إليه أو أسيرا مؤمنا فيدخل فيه المملوك والمسجون وقد سمى رسول الله صلى الله عليه وسلم الغريم أسيرا فقال غريمك أسيرك فأحسن إلى أسيرك (إِنَّما نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللهِ) على إرادة قول هو فى موقع الحال من فاعل يطعمون أى قائلين ذلك بلسان الحال أو بلسان المقال إزاحة لتوهم المن المبطل للصدقة وتوقع المكافأة المنقصة للأجر وعن الصديقة رضى الله تعالى عنها أنها كانت تبعث بالصدقة إلى أهل بيت ثم تسأل الرسول ما قالوا فإذا ذكر دعاءهم دعت لهم بمثله ليبقى ثواب* الصدقة لها خالصا عند الله تعالى (لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزاءً وَلا شُكُوراً) أى شكرا وهو تقرير وتأكيد لما قبله (إِنَّا نَخافُ مِنْ رَبِّنا يَوْماً) أى عذاب يوم (عَبُوساً) يعبس فيه الوجوه أو يشبه الأسد العبوس* فى الشدة والضراوة (قَمْطَرِيراً) شديد العبوس فلذلك نفعل بكم ما نفعل رجاء أن يقينا ربنا بذلك شره وقيل هو تعليل لعدم إرادة الجزاء والشكور أى إنا نخاف عقاب الله تعالى إن أردناهما (فَوَقاهُمُ اللهُ شَرَّ ذلِكَ الْيَوْمِ) بسبب خوفهم وتحفظهم عنه (وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُوراً) أى أعطاهم بدل عبوس الفجار وحزنهم نضرة فى الوجوه وسرورا فى القلوب.