ولما لم يذكر ذلك اللفظ الصريح ، علمنا : أنه ليس الغرض من هذا الخبر : ذكر أمر الامامة.
وأما الشبهة الثالثة عشرة : فجوابها : ان هذا الخبر من باب الآحاد ـ على ما مر تقريره فيما تقدم ـ سلمنا صحته. لكن لا نسلم أن هارون عليهالسلام كان بحيث لو بقى ، لكان خليفة لموسى عليهالسلام قوله : «لأنه استخلفه ، فلو عزله ، كان ذلك اهانة فى حق هارون» قلنا : لا نسلم. فلم لا يجوز أن يقال : ان ذلك الاستخلاف كان الى زمان معين ، فانتهى ذلك الاستخلاف بانتهاء ذلك الزمان.
وبالجملة : فهم مطالبون باقامة الدليل على لزوم النقصان عند انتهاء هذا الاستخلاف ، بل هذا بالعكس أولى. لأن من كان شريك الانسان فى منصب ، ثم يصير نائبا له وخليفة له ، كان ذلك يوجب نقصان حاله. فاذا أزيلت تلك الخلافة ، زال ذلك النقصان ، وعاد ذلك الكمال. سلمنا : أن هارون كان بحيث لو عاش ، لكان خليفة له بعد وفاته ، لكن لم قلتم : ان قوله : «أنت منى بمنزلة هارون من موسى» يتناول جميع المنازل. ودليل الاستثناء معارض بحسن الاستفهام وحسن التقسيم وحسن ادخال لفظى الكل والبعض عليه.
وأما الشبهة الرابعة عشرة : وهى أنه عليهالسلام استخلفه فى غزاة تبوك. فنقول : لم لا يجوز أن يقال : ذلك الاستخلاف كان مقدرا بمدة ذلك السفر ، فلا جرم انتهى ذلك الاستخلاف بانقضاء تلك المدة. وأيضا : فانه معارض باستخلاف النبي عليهالسلام أبا بكر حال مرضه فى الصلاة. فان أنكروا ذلك أنكرنا ذلك.
وأما الشبهة الخامسة عشرة : وهى التمسك بالمطاعن فى أبى بكر وعمر وعثمان. فجوابها : ان ما ذكرناه من الدلائل على إمامة أبى بكر رضى الله عنه ، دلائل يقينية. وما ذكرتموه من المطاعن محتمل. والمحتمل لا يعارض اليقين. والاستقصاء فى تلك التفاصيل لا يليق بهذا المختصر. وبالله التوفيق.