المسألة الأربعون
فى
ضبط المقدمات التى يمكن الرجوع
إليها فى إثبات المطالب العقلية
وهى خاتمة الكتاب
العلم : اما تصور واما تصديق. والتصورات اما أن يقال : انها بأسرها مكتسبة ، وهو باطل. لأنه يفضى الى الدور أو التسلسل. واما أن تكون كلها بديهية ـ وهو الّذي أقول به ـ واما أن يكون بعضها بديهيا وبعضها كسبيا. والّذي يدل على ما اخترته : هو أن التصور الّذي يطلب اكتسابه. ان لم يكن مشعورا به أصلا ، كان الذهن غافلا عنه ، فيمتنع طلبه. وان كان مشعورا به ، كان تصوره حاضرا. فيمتنع ، لأن تحصيل الحاصل محال.
فان قيل : لم لا يجوز أن يكون مشعورا به من وجه دون وجه. والمطلوب هو تكميل ذلك الناقص؟ وأيضا : فهذه الحجة بعينها قائمة فى التصديقات ، فوجب أن لا يكون شيء منها مكتسبا. وذلك باطل قطعا.
والجواب عن الأول : أن الوجه الّذي صدق حكم العقل عليه ، بأنه مشعور به ، غير الوجه الّذي صدق عليه حكم العقل ، بأنه غير مشعور به. لامتناع النقيضين. وحينئذ يرجع التقسيم فى ذينك الوجهين.
والجواب عن الثانى : لا شك أن التصور من حيث إنه تصور ، غير التصديق ، من حيث إنه تصديق. فعلى هذا : التصديق حالة زائدة على تصور الموضوع وتصور المحمول وتصور السلب وتصور الايجاب.