واعلم : أن كثيرا من العلماء الشريعة وعلماء التفسير ، قالوا : ان فى وقت قيام القيامة تنخرق الأفلاك وتنهدم الكواكب ، الا أن العرش لا يتخرب ، والفلك الأقصى هو العرش عندهم. واذا كان كذلك لم يلزم من قولنا : العرش لا يتخرب : قدح فى (٣) خراب السموات والعناصر. فثبت : أن ما ذكروه ـ لو صح ـ لم يتطرق الطعن الى ما ورد فى القرآن.
الفصل الرابع
فى
أن الله تعالى هل يعدم أجسام العالم أم لا؟
اعلم : أنا وان بينا بالدلالة العقلية : أن كل ما سوى الله تعالى ، فانه يصح العدم عليه. ولكن ليس كل ما صح وقع. وقد اختلف علماء الاسلام فى ذلك. فقال قوم : انه تعالى يعدم الذوات والأجزاء ، ثم يعيدها ، وقال آخرون : انه تعالى لا يعدمها ، بل يفرق أجزاء السموات والأرض ويخربها ، ثم انه تعالى يؤلفها مرة أخرى كما كانت. واعلم : أن الجواز العقلى يمكن اثباته بدلائل العقل. أما وقوع الجائز ، فلا سبيل الى اثباته الا بالسمع.
* * *
واحتج القاطعون على أنه تعالى يعدم العالم بآيات.
احداها : قوله تعالى : (كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ) [القصص ٨٨] فقوله : (كُلُّ شَيْءٍ) لفظ عام يتناول الكل. والهلاك عبارة عن العدم والفناء ، بدليل قوله تعالى : (إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ) [النساء ١٧٦] أى فنى ولم يبق. فلو تفرقت الأجزاء لكنها ما عدمت وما فنيت ، فحينئذ يصدق أن السموات هلكت ، لكنه لا يصدق أن تلك الأجزاء وتلك
__________________
(٣) عدم خراب : ا