الفصل الثالث
فى
حكاية أدلة المعتزلة على القطع بالوعيد
اعلم : أنهم تمسكوا فى المسألة بالقرآن والأخبار :
أما القرآن : فمجموع ما يتمسكون به من الآيات محصور فى ثلاثة انواع :
أحدها : أنهم تمسكوا بلفظ «من» فى معرض الشرط. وزعموا : أنه يفيد العموم.
وثانيها : انهم تمسكوا بصيغة الجمع مع دخول حرف التعريف فيها وثالثها : تمسكوا بصيغة «الذين»
أما النوع الأول : فهو حجج (٢) :
الحجة الأولى : قوله تعالى : (وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ ، يُدْخِلْهُ ناراً خالِداً فِيها) (النساء ١٤) ومعلوم : أن من ترك الصلاة والحج والزكاة والصوم وقتل وزنى ولاط ، فقد تعدى الحدود.
فان قيل : الحدود لفظ جمع دخل فيه حرف التعريف فيفيد العموم ، وتعدى الحدود لا يصدق الا عند تعدى جميع الحدود. وهو اما أن لا يكون ممكنا أو يكون ممكنا. لكنه لا يثبت الا فى حق الكافر ، أما أنه غير ممكن ، فلأن من تعدى بالمجوسية لا يمكنه مع ذلك أن يتعدى باليهودية ، ومن تعدى بالفعل لا يمكنه فى تلك الحالة أن يتعدى بالترك. وأيضا : فان كان ذلك ممكنا ، الا أنه لا يتحقق الا فى حق الكافر ، فكانت الآية مختصة بالكافر.
__________________
(٢) آيات : الأصل
واعلم : ان المؤلف توسع فى هذا الموضوع فى التفسير الكبير فى سورة البقرة. عند قوله : (بَلى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً).