المسألة الثلاثون
فى
المعاد
وفيه فصول :
الفصل الأول
فى
اعادة المعدوم
اختلف العقلاء فى أن الشيء اذا عدم وفنى. فهل يمكن اعادته بعينه مرة أخرى ، أم لا؟
أما الفلاسفة : فقد اتفقوا على أنه محال. وهو قول «أبى الحسين البصرى» و«محمود الخوارزمى».
وأما جملة مشايخ المعتزلة : فقد اتفقوا على أن اعادة المعدوم ممكنة ، الا أنهم فرعوا هذه المسألة على مذهبهم. وذلك بأن عندهم المعدوم شيء ، والشيء اذا عدم ، لم تبطل ذاته المخصوصة ، بل زالت صفة الوجود عنه ، ولما كانت ذاته المخصوصة باقية حالتى العدم والوجود ، لا جرم قالوا : اعادة المعدوم جائزة.
وأما أصحابنا : فانهم يقولون : الشيء اذا عدم فقد بطلت ذاته ، وصار نفيا محضا وعدما صرفا ، ولم تبق له حال العدم هوية ولا خصوصية. ثم إنهم مع هذا المذهب قالوا : انه لا يمتنع فى قدرة الله اعادته بعينه. وهذا القول لم يقل به أحد من طوائف العقلاء الا أصحابنا.