بل القول بأن هذه النسبة واحدة لا يصح الا بعد القول بأن اعادة المعدوم باطلة. لأن بتقدير أن يصح هذا القول ، كان أحد هذين الحادثين هو عين ذلك الّذي عدم ، والحادث الآخر ليس عينه ، بل مثله. فاذن القول بأن نسبة هذين الحادثين الى ذلك الّذي عدم نسبة واحدة ، مبنى على أن اعادة المعدوم ممتنعة. ولو بينا هذا الامتناع بهذه المقدمة ، لزم الدور. وانه باطل.
الفصل الثانى
فى
بيان أن ما سوى الله تعالى فانه يجوز الفناء عليه
قالت الفلاسفة : الأرواح البشرية وان كانت محدثة ، الا أنها أبدية غير قابلة للعدم. وأيضا : العقول الفلكية والنفوس الفلكية والأجرام الفلكية والهيولى ، غير قابلة للعدم.
لنا : انا بينا فى مسألة حدوث العالم : أن كل ما سوى الله تعالى فهو محدث ، وكل محدث فان حقيقته قابلة للعدم والوجود. وهذه القابلية من لوازم الماهية. وكل ما كان من لوازم الماهية ، فانه واجب الدوام فى جميع زمان دوام الماهية. فاذن قابلية العدم من لوازم ماهية كل ما سوى الله تعالى. وهذا يقتضي جواز العدم على كل ما سوى الله تعالى.
وأما الفلاسفة فقد احتجوا على قولهم بوجوه :
الحجة الأولى ـ وهى عمدتهم ـ : ان الأرواح البشرية لا يقبل الفناء. وتقريرها : أنها لو كانت قابلة للعدم ، لكانت قابليتها للعدم ، اما أن تكون قائمة بها أو بغيرها. والقسمان باطلان ، فبطل القول بكونها قابلة للعدم.