المسألة الرابعة والثلاثون
فى
كرامات الأولياء
المعتزلة ينكرونها (١). ووافقهم الأستاذ أبو إسحاق من أصحابنا. وأكثر أصحابنا يثبتونها. وبه قال «أبو الحسين البصرى» من المعتزلة.
لنا : وجوه ثلاثة :
الحجة الأولى : ان حدوث الحبل لمريم من غير الذكر من خوارق
__________________
(١) ولى الله تعالى هو المعترف به والعامل بشريعته. والنبي وليه وغير النبي وليه. والفرق بينهما : أن الله تعالى يجرى معجزة خارقة للعادة على يد النبي تصديقا له فى دعوى النبوة ، كانقلاب عصا موسى حية. وأما الولى. فلا يجرى الله على يده معجزة لئلا يلتبس بالنبى. وانما اذا وقع فى مصيبة ينزل الله سكينة فى قلبه ، أو اذا افترى عليه مفتر بدعوى كاذبة كأن يتهمه بالزنا وهو منه بريء. فان الله يظهر براءة وليه ، ويوقع المفترى فى المصائب. وهكذا. وهذا يكون اكراما للأحياء من الأولياء. أما الأموات فلا تحدث منهم كرامات لأن أرواحهم انقطعت عن أجسادهم ولا تعود الى قبورهم الا فى الآخرة. وقوله تعالى عن الأولياء : (لَهُمُ الْبُشْرى فِي الْحَياةِ الدُّنْيا) معناه السكينة واظهار البراءة وما شابه ذلك. (وَفِي الْآخِرَةِ) لهم الجنة. وما يحكى عن أصحاب الأضرحة والقباب أنهم يظهرون المسروق ويكشفون الضر ويقضون الحوائج فهذا لا سند له من القرآن الكريم ولا يصح الاعتقاد فيه. بل يجب هدم الأضرحة والقباب لأن الشرع لم يصرح ببناء على أى قبر ، كائنا من كان. وما حكى عن بعض الأحياء من الأفعال التى تخالف العادة مثل ما حكى أن درويشا من «السودان» كان يصطاد السمك من الماء بسنارة ، ليس فيها طعم يجذب السمك إليها. فهذه الحكايات من الخرافات والأساطير. وقد بينا فى تعليقاتنا على «شرح عيون الحكمة» للامام فخر الدين الرازى. كل ما يتعلق بالروح من الأحكام.