المسألة السّادسة والثلاثون
فى
أن وعيد الفسّاق منقطع
مذهبنا : أنه تعالى وان عذب الفساق من أهل الصلاة ، الا أنه لا يتركهم فى النار دائما مؤبدا بل يخرجهم الى الجنة.
وقالت المعتزلة : ان الفاسق يبقى فى النار دائما.
والمعتمد لنا فى هذه المسألة : ان هذا الفاسق اما أن لا يكون مستحقا للعقاب ، أو يكون مستحقا للعقاب ، لكنه مع ذلك أيضا مستحق للثواب. ومتى كان الأمر كذلك ، وجب أن يكون العقاب منقطعا.
بيان المقدمة الأولى : ان هذا الفاسق قبل أن صدر عنه هذا الفسق ، كان من أهل الثواب ، بحكم ايمانه وسائر طاعاته. أما عندنا فبحكم الوعد ، وأما عند الخصم فبحكم الاستحقاق. واذا صدر عنه الفسق بعد ذلك فأما أن يصير بسبب ذلك الفسق مستحقا للعقاب أو لا يصير كذلك. فان لم يصر مستحقا للعقاب ، فنقول : كان هذا الانسان على هذا التقدير مستحقا للثواب ، ولم يصر بسبب هذا الفعل مستحقا للعقاب ، فوجب أن لا يعاقب ، فضلا عن أن يكون عقابه دائما.
وأما ان قلنا : انه صار بفسقه مستحقا للعقاب. فنقول : استحقاق العقاب لا يزيل ما كان ثابتا له من استحقاق الثواب. واذا كان كذلك ، وجب أن لا يكون عذابه دائما.
وانما قلنا : ان العقاب الطارئ لا يزيل الثواب المتقدم. لأنه لو أزاله لكان اما أن يقال الموازنة معتبرة أو غير معتبرة. وأعنى بالموازنة : أن يقال : كان الثواب عشرة أجزاء ، والعقاب الطارئ