خمسة أجزاء. فسقط الخمسة بالخمسة ، ويبقى له من الثواب خمسة خالية عن المعارض. وأما عدم الموازنة فهو أن الطارئ يسقط السابق بقدره ، ولا يسقط الطارئ البتة ، بل يبقى بحاله. والقول بالموازنة مذهب «أبى هاشم» والقول بعدم الموازنة مذهب «أبى على».
فنقول : القول بالموازنة باطل. ويدل عليه وجوه :
الأول : ان ثبوت السابق اما أن يمنع الطارئ من الدخول فى الوجود ، أو لا يمنعه. فان منعه لم يدخل الطارئ فى الوجود ، واذا لم يوجد الطارئ ، بقى السابق كما كان. وهذا يمنع من الإحباط.
وأما ان قلنا : ان السابق لم يمنع الطارئ من الدخول فى الوجود ، بل دخل فى الوجود. فهذا الطارئ اما أن يؤثر فى عدم السابق ، أو لا يؤثر فيه. فان أثر فيه صار الطارئ غالبا والسابق مغلوا ، وعند صيرورة السابق مغلوبا امتنع أن يعود غالبا ، وامتنع أن يؤثر فى اعدام الطارئ. فلم تكن الموازنة حاصلة. وان قلنا بأن الطارئ بعد دخوله فى الوجود ، لم يؤثر فى اعدام السابق. فعلى هذا فقد وجد الطارئ مع السابق ، واجتمعا فى الوجود. وعلى هذا التقدير ، لم يحصل بينهما منافاة أصلا. واذا كان كذلك ، امتنع أن يكون حدهما مؤثرا فى عدم الآخر ، وفى زواله. فثبت بهذا البرهان القوى : فساد القول بالموازنة.
الوجه الثانى فى بطلانه : هو أنه لو كان كل واحد من السابق والطارئ ، مؤثرا فى عدم الآخر ، لكان تأثير كل واحد منهما فى الآخر ، اما أن يكون معا ، أو على التعاقب. والقسمان باطلان ، فبطل القول بكون بكون كل واحد منهما مؤثرا فى عدم الآخر.
وانما قلنا : انه يمتنع حصول ذلك معا ، لأن المؤثر فى عدم كل واحد منهما وجود الآخر ، فلو حصل العدمان معا ، لحصل الوجودان معا ، حال حصول العدمين. لأن العلة واجبة الحصول عند حصول المعلول ، فيلزم كونهما موجودين حال كونها معدومين. وهو محال.