الفصل الخامس
فى
بيان أن أفضل الناس بعد رسول الله
صلىاللهعليهوآلهوسلم من هو؟
مذهب أصحابنا : أن أفضل الناس بعد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم هو أبو بكر ـ رضى الله عنه ـ وهو قول قدماء المعتزلة.
ومذهب الشيعة : أنه على بن أبى طالب ـ رضى الله عنه ـ وهو قول أكثر المتأخرين من المعتزلة.
أما أصحابنا : فقد تمسكوا بقوله تعالى : (وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى) (الليل ١٧) وبقوله عليهالسلام : «والله ما طلعت شمس ولا غربت على أحد بعد النبيين والمرسلين ، أفضل من أبى بكر» وكل ذلك قد مضى تقريره فى الفصل المتقدم.
وأما الشيعة فقد احتجوا على أن عليا أفضل الصحابة بوجوه :
الحجة الأولى : التمسك بقوله تعالى : (فَقُلْ : تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ ، وَنِساءَنا وَنِساءَكُمْ ، وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ) (آل عمران ٦١) وثبت بالأخبار الصحيحة : أن المراد من قوله (وَأَنْفُسَنا) هو على. ومن المعلوم أنه يمتنع أن تكون نفس «على» هى نفس «محمد» بعينه. فلا بد وأن يكون المراد : هو المساواة بين النفسين. وهذا يقتضي أن كل ما حصل لمحمد من الفضائل والمناقب ، فقد حصل مثله لعلى.
ترك العمل بهذا فى فضيلة النبوة ، فوجب أن تحصل المساواة بينهما فيما وراء هذه الصفة. ثم لا شك أن محمدا عليهالسلام كان أفضل الخلق فى سائر الفضائل ، ولما كان «على» مساويا فى تلك الفضائل ، وجب أن يكون أفضل الخلق ، لأن المساوى للأفضل يجب أن يكون أفضل.